التحفة السنية شرح المقدمة الآجرومية،

محمد محيي الدين (المتوفى: 1393 هـ)

شروط التمييز

صفحة 140 - الجزء 1

  مقامَهُ، فارتفعَ ارتفاعَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بالمضافِ المحذوفِ فانتصبَ عَلَى التّمييزِ.

  النّوعُ الثَّانِي: المحوَّلُ عن المفعولِ، وذلكَ نحْوُ قوْلِهِ تعالَى: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} أصلُهُ «وَفَجَّرْنَا عُيُونَ الأَرْضِ» فَفُعِلَ فيهِ مثلُ مَا سبَقَ.

  والنّوعُ الثَّالثُ: المحوَّلُ عن المبتدأِ، وذلكَ نحْوُ قوْلِهِ تعالَى: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا} وأصلُهُ «مَالِي أَكْثَرُ مِنْ مَالِكَ» فحُذفَ المضافُ، وهُوَ «مال» وأُقيمَ المضافُ إليْهِ - وهُوَ الضَّميرُ الذي هُوَ ياءُ المُتكلِّمِ - مقامَهُ فارتفعَ ارتفاعَهُ وانفصلَ؛ لأنَّ ياءَ المُتكلِّمِ ضميرٌ مُتَّصلٌ كمَا عرفْتَ، وهُوَ لا يُبْتَدَأُ بهِ، ثُمَّ جِيءَ بالمضافِ المحذوفِ فجُعِلَ تمييزاً، فصارَ كمَا ترَى. وأمَّا غيرُ المحوَّلِ فنحْوُ «امْتَلأَ الإِنَاءُ مَاءً».

شروط التمييز

  قَالَ: وَلاَ يَكُونُ إِلاَّ نَكِرَةً، وَلاَ يَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ تَمَامِ الْكَلاَمِ.

  وَأقول: يُشترطُ فِي التّمييزِ أن يكونَ نكرةً، فلا يجوزُ أن يكونَ معرفةً، وأمَّا قولُ الشَّاعرِ:

  رَأَيْتُكَ لَمَّا أَنْ عَرَفْتَ وُجُوهَنَا ... صَدَدْتَ وَطِبْتَ النَّفْسَ يَا قَيْسُ عَنْ عَمْرِو

  فإنَّ قولَهُ «النّفس» تمييزٌ، وليسَتْ «أل» هذِهِ «أل» المُعَرِّفةَ حتَّى يلزمَ منْهُ مجيءُ التّمييزِ معرفةً، بلْ هِيَ زائدةٌ لا تفيدُ مَا دخلتْ عَلَيْهِ تعريفاً؛ فهُوَ نكرةٌ، وهُوَ موافقٌ لمَا ذكرْنَا من الشّرطِ.

  ولا يجوزُ فِي التّمييزِ أن يتقدَّمَ عَلَى عاملِهِ، بلْ لا يجيءُ إلاَّ بعْدَ تمامِ الكلامِ، أيْ: بعْدَ استيفاءِ الفِعْلِ فاعلَهُ، والمبتدأِ خبرَهُ.