التحفة السنية شرح المقدمة الآجرومية،

محمد محيي الدين (المتوفى: 1393 هـ)

الجواب

صفحة 139 - الجزء 1

  و «اشْتَرَيْتُ عِشْرِينَ كِتَاباً» وَ «مَلَكْتُ تِسْعِينَ نَعْجَةً» و «زَيْدٌ أَكْرَمُ مِنْكَ أَباً» و «أَجْمَلُ مِنْكَ وَجْهًا».

  وَأقول: للتميِيزِ فِي اللُّغَةِ معنيانِ؛ الأوَّلُ: التّفسيرُ مطلقاً، تقُولُ: ميّزتُ كذا، تريدُ أنَّكَ فسَّرْتَهُ؛ والثَّانِي: فَصْلُ بعضِ الأمورِ عن بعضٍ، تقُولُ: مَيَّزْتُ القَوْمَ، تريدُ أنَّكَ: فَصَلْتَ بعضَهُمْ عن بعضٍ.

  والتّمييزُ فِي اصْطِلاحِ النّحاةِ عبارةٌ عن «الاسمِ، الصّريحِ، المَنْصُوبِ، المُفَسِّرِ لِمَا انْبَهَمَ من الذَّواتِ أو النّسَبِ».

  فقولُنا: «الاسمُ» معنَاهُ أنَّ التّمييزَ لا يَكُونُ فعلاً ولا حرفاً.

  وقولُنا: «الصّريحُ» لإخراجِ الاسْمِ المؤوَّلِ، فإنَّ التّمييزَ لا يَكُونُ جملةً ولا ظرفاً، بخلافِ الحالِ كمَا سبَقَ فِي بابِهِ.

  وقولُنا: «المفسِّرُ لِمَا انبهمَ من الذّواتِ أو النِّسَبِ» يشيرُ إلَى أنَّ التّمييزَ عَلَى نوعينِ، الأوَّلُ: تمييزُ الذَّاتِ، والثَّانِي: تمييزُ النِّسْبَةِ.

  أمَّا تمييزُ الذَّاتِ - ويُسمَّى أيضاً تمييزَ المُفرَدِ - فهُوَ «مَا رَفَعَ إِبْهَامَ اسْمٍ مَذْكُورٍ قَبْلَهُ مُجْمَلِ الحَقِيقَةِ» ويكونُ بعْدَ العددِ، نحْوُ قوْلِهِ تعالَى: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا}، {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} أوْ بعْدَ المقاديرِ، من الموزوناتِ، نحوُ: «اشْتَرَيْتُ رَطَلاً زَيتاً» أو المَكِيلاتِ، نحوُ: «اشْتَرَيْتُ إِرْدَبًّا قَمْحاً» أو المساحاتِ، نحوُ: «اشْتَرَيْتُ فَدَّاناً أَرْضاً».

  وأمَّا تمييزُ النِّسْبةِ - ويُسمَّى أيضاً تمييزَ الجملةِ - فهُوَ «مَا رَفَعَ إبْهَامَ نِسْبَةٍ فِي جُمْلَةٍ سَابِقَةٍ عَلَيْهِ» وهُوَ ضربانِ؛ الأوَّلُ مُحَوَّلٌ، والثَّانِي غيرُ محوَّلٍ.

  فأمَّا المحوَّلُ فهُوَ عَلَى ثلاثةِ أنواعٍ:

  النّوعُ الأوَّلُ: المحوَّلُ عن الفاعلِ، وذلكَ نحوُ: «تَفَقَّأَ زَيْدٌ شَحْماً» الأصْلُ فيهِ «تَفَقَّأَ شَحْمُ زَيْدٍ» فحُذفَ المضافُ - وهُوَ شحْم - وأُقيمَ المضافُ إليْهِ - وهُوَ زيد -