التحفة السنية شرح المقدمة الآجرومية،

محمد محيي الدين (المتوفى: 1393 هـ)

نيابة الواو عن الضمة

صفحة 26 - الجزء 1

نِيابةُ الْوَاوِ عن الضَّمَّةِ

  قَالَ: وَأَمَّا الوَاوُ فَتَكُونُ عَلامَةً للرَّفْعِ فِي مَوْضِعَيْنِ: فِي جَمْعِ المذكَّرِ السَّالمِ، وفِي الأسْمَاءِ الخَمْسَةِ، وَهِيَ: أَبُوكَ، وَأَخُوكَ، وَحَمُوكَ، وَفُوكَ، وَذُو مَالٍ.

  وَأقول: تكونُ الواوُ عَلامَةً عَلَى رفْعِ الكلِمَةِ فِي موضعيْنِ، الأوَّلُ: جمْعُ المذكَّرِ السَّالمُ، والموضِعُ الثَّانِي: الأسماءُ الخمسةُ.

  أمَّا جمْعُ المذكَّرِ السَّالمُ، فهُوَ: اسْمٌ دلَّ عَلَى أكثرَ من اثنيْنِ، بزيادةٍ فِي آخِرِه، صالحٌ للتَّجريدِ عن هذِهِ الزِّيادةِ، وعطْفِ مثلِهِ عَلَيْهِ، نحوُ: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ}، {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ}، {وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ٨}، {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ}، {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ}. فكلٌّ مِن «المُخَلَّفُونَ» و «الرَّاسِخُونَ» و «الْمُؤْمِنُونَ» و «الْمُجْرِمُونَ» و «صَابِرُونَ» و «آخَرُونَ» جمْعُ مذكَّرٍ سالمٌ، دالٌّ عَلَى أكثرَ من اثنيْنِ، وفيهِ زيادةٌ فِي آخرِهِ - وَهِيَ الواوُ والنُّونُ - وهُوَ صالحٌ للتجريدِ مِن هذِهِ الزِّيادةِ، ألا ترَى أنكَ تقُولُ: مُخلَّفٌ، وراسِخٌ، ومؤْمِنٌ، ومجْرمٌ، وصابِرٌ، وآخَرُ، وكلُّ لفظٍ مِن ألفاظِ الجموعِ الواقعةِ فِي هذِهِ الآياتِ مرْفُوعٌ، وعَلامَةُ رفْعِهِ الواوُ نيابةً عن الضَّمَّةِ، وهذِهِ النُّونُ التي بعْدَ الواوِ عِوضٌ عن التَّنوينِ فِي قوْلِكَ: «مخلَّفٌ» وأَخواتِهِ، وهُوَ الاسْمُ المُفرَدُ.

  وأمَّا الأسماءُ الخمسةُ فهيَ هذِهِ الألفاظُ المحصورةُ التي عدَّها المُؤلِّفُ - وَهِيَ: أبوكَ وأخوكَ، وحموكَ، وفوكَ، وذو مالٍ - وَهِيَ تُرْفَعُ بالواوِ نيابةً عن الضَّمَّةِ، تقُولُ: «حَضَرَ أَبُوكَ، وَأَخُوكَ، وَحَمُوكَ، وَنَطَقَ فُوكَ، وَذُو مَالٍ»، وكذا تقُولُ: «هَذَا أَبوكَ» وتقُولُ: «أَبوكَ رَجُلٌ صَالِحٌ» وقالَ اللَّهُ تعالَى: {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ٢٣}، {مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ}، {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ}، {إِنِّي أَنَا أَخُوكَ}؛ فكلُّ اسْمٍ منْهَا فِي هذِهِ الأمثْلِةِ مرْفُوعٌ، وعَلامَةُ رفْعِهِ الواوُ نيابةً عن الضَّمَّةِ، ومَا بعدَها من الضَّميرِ أوْ لفظِ «مَال» أوْ لفظِ «عَلَمٍ» مضافٌ إليْهِ.