سورة النحل
  مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ٣٤ وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ٣٥
  (٣٤) {فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} {فَأَصَابَهُمْ} أي الكفار من الماضين {سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا} الإضافة في قوله تعالى: {سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا} إما بمعنى السيئات أي العقوبات التي ساءتهم التي سبّب لها ما عملوا من الكفر وغيره، وإما على معنى السيئات مما عملوا أي أصابتهم جرائمهم نسَب العذاب إليها وجعلت موقعة له بهم لأنها سببه.
  وقوله تعالى: {وَحَاقَ بِهِمْ} أي وقع بهم وأحاط بهم بحيث لم يجدوا سبيلاً للفرار منه والمراد غلبهم وقهرهم {مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} أي الحق الذي كانوا يسخرون منه في الدنيا عذبوا اقتصاصاً وإنصافاً من أجله، فكأنه هو أصابهم بالعذاب أو حاق بهم العذاب الذي كانوا به يستهزئون حين يكذبون به والاستهزاء بالحق الذي جاءهم في الدنيا أظهر ولا أذكر أو أعلم أنهم كانوا يستهزئون بالعذاب نفسه فينظر إن شاء الله.
  (٣٥) {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا} احتجاجاً على أن الله رضي منهم بالشرك قالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ} لأنه قادر على أن يمنعنا ولو قسراً حتى لا نشرك {نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا} فلما تركَنَا على الشرك دل ذلك على أنه لا يكرهه.