التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة هود

صفحة 425 - الجزء 3

سورة هود

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

  الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ١ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ٢ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ


  تفسير (سورة هود) وهي (مكية)

  (١) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} {الر} قد مرَّ الكلام في هذه الحروف في تفسير (سورة الأعراف) و (سورة البقرة) {كِتَابٌ} لم ينزل من السماء مصحفاً مخطوطاً ولكن أنزل الله القرآن على رسوله الذي لا يقرأ مخطوطاً ولا يخط كتاباً، نزل به الروح الأمين على قلبه ÷ أنزله إليه على أنه كتاب يكتب ليحفظ وتتوارثه الأجيال فسماه (كتاباً).

  {أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ} جعلت آياته كما تقتضيه حكمة قائله، محفوظة من كل نقص ومن كل عيب {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}⁣[فصلت: ٤٢] {آَيَاتُهُ} دلائله الدالة على سبل الهدى، وبعد إحكام معانيها فصلت في تعبيرها فجعلت بالتفصيل وهو جعلها ذات فصول تتمايز بها جملها وكلماتها حتى يتيسر تفهمها كلمة كلمة وجملة جملة، وإن كان بعض هذا التفصيل تابعاً لكونها بلسان عربي مبين فهي بينة لمن يتدبرها سليمة من التعقيد، والترتيب بين الأحكام، والتفصيل إنما هو متأخر في الرتبة لا في الزمن.

  وقوله تعالى: {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} كالدليل على أنها أحكمت آياته وأنها فصلت لأن قائلها حكيم جعلها مطابقة لمقتضى الحكمة ومقتضى خبرته بإفهام عباده وما هو أصلح لتفهيمهم وماهم به يفهمون كما أنه خبير بالعبارات بيِّنها وغامضها وغير ذلك من شأنها.