سورة البينة
سورة البينة
  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
  لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ١ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً ٢ فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ٣ وَمَا
  (١) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} {الَّذِينَ كَفَرُوا} بأنعم اللّه وكفروا بأنواع كفر الجحود المذكورة في القرآن، كقولهم: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}[آل عمران: ١٨١] وقولهم: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}[المائدة: ٦٤] واتخاذهم {أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} وقولهم في عزير وعيسى #: أنهما ابنا الله، لم يكونوا هم وعباد الأصنام {مُنْفَكِّينَ} عما هم عليه من الباطل {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} من جديد، فكانوا محتاجين إليها لهدايتهم، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، ولو لم تأتهم لاستمروا على أباطيلهم الكثيرة المتنوعة وتوارثتها القرون.
  (٢) {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً} هذا تفسير {الْبَيِّنَةُ} المذكورة إما على معنى الهداية البينة، وإما على معنى الحجة البينة، فرسول بدل اشتمال؛ لاشتماله على الهداية والحجة التي هي تلاوة صحف مطهرة، واتباعها، ومعنى {مُطَهَّرَةً} بريئة من كل عيب؛ لأنها حق لا باطل فيه، وصدق لا كذب فيه، وهدى لا ضلال فيه، ونصح لا غش فيه، فهي حق واضح جلي يدعو من أراد الحق إلى اتباعه، وترك ما كان عليه من الباطل، وبذلك يختلف حال الذين كفروا عما كانوا عليه مجمعين بمجيء الإسلام وخروج الناس من الظلمات إلى النور وظهور الدين، فانفكوا به عما كانوا لولاه لا ينفكون عليه.