التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة القلم

صفحة 171 - الجزء 7

سورة القلم

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

  ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ١ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ٢ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ ٣ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ٤ فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ ٥


  (١ - ٢) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ۝ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} {ن} الراجح: أنه حرف من حروف المعجم استعمل هنا كاستعمال الحروف في أوائل السور {وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} هذا قسم بالقلم؛ لأنه آية من آيات اللّه ونعمة من نعمه، حيث هدى الإنسان للإفهام والفهم بواسطته، كما قال تعالى: {وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ ۝ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ۝ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}⁣[العلق: ٣ - ٥] ويمكن دخوله - أيضاً - في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ ۝ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ۝ خَلَقَ الإِنسَانَ ۝ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}⁣[الرحمن: ١ - ٤] فبواسطة القلم انتشرت العلوم وتوارثتها الأجيال وبواسطة القلم حفظت الأموال والحقوق، والقلم أحد اللسانين يقوم مقام اللسان مع التباعد ومع تعسر اللقاء ولغير ذلك من الأشياء.

  وفي تفسير: {وَمَا يَسْطُرُونَ} يقول الإمام الهادي #: «{وَمَا يَسْطُرُونَ} من كتاب رب العالمين، ويثبت به من أحكام أحكم الحاكمين، ويكون به أثبت علم المتعلمين والعالمين» انتهى المراد.

  أقسم اللّه بالقلم وما يسطرون، وجواب القسم قوله تعالى: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} إلى قوله تعالى: {.. عَظِيمٍ} ومعنى {مَا أَنْتَ} ما أنت يا محمد {بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} الذي أنعم عليك بالعقل وحفظه {بِمَجْنُونٍ} أي ما أنت بمجنون كما زعم الكافرون، والعقل وحفظه لك كان بنعمة ربك، قال الإمام الهادي #: «يريد بكرامة ربك ومدافعته عنك كل سوء وربك فهو خالقك ومالكك» انتهى.