التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأحقاف

صفحة 431 - الجزء 6

سورة الأحقاف

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

  حم ١ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ٢ مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ٣ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ


  (١ - ٢) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حم ۝ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ} القرآن {مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} لا بد من تنزيل الكتاب، وعلى ما تقتضيه الحكمة، وتقتضيه عزة الباري أنه لا يترك عباده يفسدون في الأرض ولا ينذرهم ولا يجازيهم، والعزيز هو الذي لا ينال.

  (٣) {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} فهذا دليل على أنه لا بد من الآخرة، ولا بد من الجزاء، الثواب للمؤمنين والعقاب للمتمردين على الله أعداء الله، لأنه ما خلق السموات والأرض هكذا لعبا يعيشون ثم يموتون دونما بعث ولا جزاء بل خلق السموات والأرض وما بينهما ليعبدوه، قال الله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}⁣[الذاريات: ٥٦].

  والأمر بعبادته وحده هو الذي يترتب عليه الجزاء الثواب والعقاب فمن الجهتين: جهة الحكمة في أمرهم بعبادته، وجهة الحكمة في الجزاء، من هاتين الجهتين دل على أنه سبحانه واحد لا شريك له في ملكه، ودل على أنه لا بد أن يبعثهم ويجازيهم، فخلق السموات والأرض بالحق لهذين الأمرين لعبادته وللجزاء {وَأَجَلٍ مُسَمًّى} ما خلقهم للبقاء هذا الخلق ليس إلا مؤقتاً، سماه الباري وحدده وعينه {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} مع أنهم أنذِروا أمراً عظيماً لكنهم معرضون عن التفكر والاستماع للإنذار بالأمرين: توحيد الله سبحانه والإنذار بالآخرة فكفروا لأنهم لم يخافوا.