التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة التوبة

صفحة 223 - الجزء 3

سورة التوبة

  بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ١ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي


  ابتداء تفسير (سورة براءة) وهي (مدنية)

  (١) {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} قال الشرفي في (المصابيح): «قال الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين #: إن قال قائل: لِمَ لمْ تكتب في أولها {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

  قيل لَه: اعلم - هداك الله - أن {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} مفتاح كل خير وبركة ورضى وتزكية أثبتها الله فيما كان أنزله على نبيه ÷ وعلى المؤمنين من القرآن، وأن (براءة) نزل في أولها مفتاح حرب وإنذار ونبذ العهد الذي كان بين الرسول وبين المشركين، وإنذار وإبعاد لهم من ذي الجلال والإكرام عن المسجد المطهر والبيت الحرام، وإخباراً لهم بأن ما كانوا يفهمون ويعرفون قد زال وتصرم وَحَالَ، وأنهم إن ثبتوا على شركهم قُتِلوا حيث ما ثُقِفوا إشادة من الله سبحانه بذكر الإسلام وإظهاراً وإعزازاً لدعوة نبيه #، فلذلك لم يثبت فيها {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}» انتهى.

  أي هذه {بَرَاءَةٌ} واقعة {مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} موجَّهَة وبالغة {إِلَى} المشركين {الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ} أيها المؤمنون، أي براءة لله ورسوله من عهودهم فلا يلحق الرسول ÷ عيب ولا ذنب في رفض العهود المذكورة؛ لأنها بلاغ إلى الكفار يعلن التخلي من الصلح السابق ويؤذن بالحرب وذلك نهاية لمضمون العهد السابق، ونهاية لِحُكمهم؛ لأنه في حال يمكن فيه استعداد العدو للحرب إن شاء، فلا غدر فيه ولا نكث للعهد، وقد أرسل هذه البراءةَ رسولُ الله ÷ إلى المشركين لتُقرَأ عليهم أيام الحج في مكة في حال اجتماع الكثير منهم بحيث تبلغهم كلهم.