التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة عبس

صفحة 387 - الجزء 7

سورة عبس

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

  عَبَسَ وَتَوَلَّى ١ أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ٢ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ٣ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ٤ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى ٥ فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى ٦ وَمَا


  (١ - ٤) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ۝ عَبَسَ وَتَوَلَّى ۝ أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ۝ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ۝ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} {عَبَسَ وَتَوَلَّى ۝ أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} {عَبَسَ} قطب وجهه وأظهر الحمس من مجيء {الْأَعْمَى} {وَتَوَلَّى} أعرض عنه بترك التوجه إليه، واختلف في هذا العابس المتولي فقيل: هو رسول الله ÷، واعتذر له بأنه كان مشغولاً بكبراء من قريش يدعوهم إلى الإسلام ويرغب في إسلامهم ليسلم أتباعهم، فشق عليه مجيء الأعمى لاشتغاله بما هو في نفسه أهم، ولم يكن تقطيب وجهه حمساً على الأعمى، وإنما هو لضجره منه أداه الضجر إليه بالطبع لا بالاختيار، وأما إعراضه عنه فلاتّجاهه إلى ما هو في نفسه أهم وكون الأعمى معارضاً له، ليس تكبراً على الأعمى ولا استخفافاً به.

  وقيل: العابس المتولي: رجل من كفار قريش المتكبرين عن الجلوس مع أصحاب رسول اللّه الفقراء، عبس عند مجيء ابن أم مكتوم تكبراً، وهذا يناسب ما تشير إليه الآيات، مثل: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ..} الآية إلى قوله تعالى: {.. فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ}⁣[الأنعام: ٥٢] وقوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا ..} الآية [الكهف: ٢٨] وقد كان رسول الله ÷ على خلق عظيم، فيبعد منه وقوع هذا العبوس والتولي بسبب مجيء الأعمى، وحمله على من هو مظنته أقرب.