سورة الفتح
  
  الذي وصفوا به {فِي التَّوْرَاةِ} هكذا على ما ذكر الله أنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجداً {وَمَثَلُهُمْ} ووصفهم {فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} أخرج فراخه، بعض الزرع مثل القمح (البر) حين تنبت الزرعة تكون وحدها ثم ينبت بجوارها فروع تقوم معها هذا الشطأ يعني الزرع الذي ينبت بجواره ويقوم معه من عروقه {فَآزَرَهُ} زاده قوة بتجمعه وتكاثفه كأنه يمتص غذاءه من الأرض بقوة {فَاسْتَغْلَظَ} تكاثف وكثر {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} جمع ساق، هذا الزرع استوى كمل وتم نموه {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ} هذا الزرع {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} يغيظ بهم بالرسول والمؤمنين يغيظ بهم الكفار لما تكاثفوا وتقووا إلى ذالك الحد. قوله {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} قد يكون تعليلاً لقوله: {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ} وإنما القصد: يعجب الزراع تمام الوصف وصف الزرع.
  وقوله: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} قد يكون عائداً إلى الموصوف وهو محمد ÷ والذين معه، الذين شبههم بـ (الزرع) لأنهم بتكاثرهم وتكاتفهم صاروا قوة تغيظ الكفار {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ} أي من رسول الله ÷ والذين معه وعدهم {مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} و (من) هنا للبيان وليست للتبعيض ولا للكل ويجهل الذين يقولون: إذا كانت للبيان فيلزم أنهم كلهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات؛ لأن المقصود ليس إلا بيان أن من كان منهم بهذا الوصف فهو من أهل الجنة سواء كلهم أو بعضهم.