كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب إعراب الفعل المستقبل

صفحة 100 - الجزء 1

  يصلح لشيئين وهما: المعرفة والنكرة، ألا ترى أنك تقول: زيد يقوم، فيحتمل أن يكون حالاً، ويحتمل أن يكون استقبالاً حتى تخلصه بأحد عشرة أشياء، وهي السين، وسوف وكم الاستفهام، ونونا التأكيد الخفيفة والثقيلة، والحروف النواصب أعني أن ولن وأخواتهما، والأمر، والشرط، والعاشر: أن تقرنه بغد، فتقول: أقوم غدًا. فحينئذ يخلص الفعل إلى الاستقبال، كما أن الاسم يتخلص من النكرة إلى المعرفة بأحد خمسة أشياء وهي الإضمار، والإبهام والعلمية، والألف، واللام والإضافة. فهذا وجه من المشابهة.

  والوجه الثاني: أن عدد حروفه وسكناته وحركاته كعدد حروف اسم فاعله وحركاته وسكناته، فإذا قلت: ضارب ويضرب كان في كل واحد منهما أربعة، وثلاث حركات وسكون، وفي كل واحد منهما حرف زائد وثلاثة أصول، فالزائد في ضارب الألف، وفي يضرب الياء وبها كمل عدد الفعل، وسُمي مضارعا وهي تُسمى حروف المضارعة. وحروف المضارعة أربعة: التاء، والياء، والنون، والألف. فالتاء في سبعة أفعال وهي قولك: أنت تضرب وتضربان، وتضربون، وأنتِ تضربين وتضربان، وتضربين، وهي تضرب فستة للمخاطب الحاضر مفردًا أو مثنى، ومجموعا مذكراً أو مؤننا، والسابع المؤنثة الغائبة والياء في خمسة أفعال، وهي: فعل الغائب مفردًا ومثنى ومجموعًا، وفعل الغائبين والغائبات، مثال الجميع: هو يضرب، ويضربان، قال الله تعالى: {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ}⁣[القصص: ٢٣]. ويذودان يقرأ بالياء، والتاء والنساء يضربن. والنون في فعلين: أحدهما فعل الجماعة فيهم المتكلم مثل: نحنُ نضرب. والثاني: فعل الواحد المعظم كما قال تعالى: {نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ}⁣[ق: ٤٧]، والعلة فيه ما قدمنا. والألف في الواحد، وهو فعل المخبر عن نفسه من غير تعظيم، نحو قولك: أنا أضرب. فإذا كان الفعل ثلاثيًا أو خُماسيًا بالزيادة، أو سداسيا بها، كانت حروف المضارعة مضمومة، نحو: يُدحرج ونُقرمط، وندخل ونُخرج، وهذا أيضًا وجه ثان من المُشابهة.