كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب إعراب الفعل المستقبل

صفحة 101 - الجزء 1

  والوجه الثالث: أن الفعل المستقبل يقع خبرًا أو حالاً وصفة في مثل قولك: زيد يقوم أي قائم، ورأيت زيدًا يقوم، أي قائمًا، ومررتُ برجل يقوم أي قائم. كما أن اسم فاعله يقع خبراً أو حالاً، أو صفة في مثل قولك: زيد قائم، ورأيتُ زيدا قائما، ومررتُ برجل قائم. وإذا وقع الفعل خبرًا لإن المكسورة جاز تأكيده باللام كاسم فاعله تقول: إن زيدًا ليقوم كما تقول: لقائم ولو قلت: إن زيدًا لقام، لم يجز مع الماضي إلا في فعلين وهما: إن زيدًا لنعم الرجل، وبئس الرجل لشبههما بالحروف. فإن كانت اللام جوابًا للولا جاز دخولها على الماضي، نحو: لولا علي لهلك عُمر، ولو قام زيد لكلمتُك. فبهذه الأوجه الثلاثة استحق الفعل الإعراب وكل شيء أشبه شيئًا من وجهين دخل معه في بابه وجرت عليه أحكامه، فافهم ذلك.

  فصل: وأما إعرابه، فثلاثة أشياء: رفع، ونصب، وجزم. فالرفع مثل قولك: زيد يقوم، وله ثلاث علامات الضمة: في فعل الواحد الصحيح اللام، وقد مثل مثل: يقوم، ويزن، ويضرب. والنون في فعل الاثنين والجميع والواحدة المؤنثة مثل: يقومان، وتقومان، ويقومون، وتقومين يا امرأة والسكون في كل فعل معتل اللام مثل: هو يغزو ويرمي ويرضى. واستعمال هذه المسألة على المجاز والتقريب للمتعلم والمتحقق إنه لا علامة لرفع هذا الفعل، وإنما أردت أن أريك حاله مرفوعًا. والنصب مثل: لن يقوم زيد وله ثلاث علامات: الفتحة، وحذف النون، والسكون. فالفتحة في كل فعل مفرد صحيح أو معتل سوى المعتل بالألف، مثل قولك: زيد لن يضربَ، ولن يغزو ولن يرمي قال الله تعالى: {لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا}⁣[الكهف: ١٤]، وقال: {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ}⁣[آل عمران: ١٢٤]. وحذف النون في الأفعال التي رفعها بثباتها نحو: لن يقوما، ولن يقوموا، ولن تقومي يا امرأة. وكان أصل الحذف الجزم، ولكن حُمِلَ عليه النصب لاشتراكهما في الخفة، وقيل: لأنه أخو أخيه، وذلك أن الجزاء أخو الجزم من حيث ذهب بالأسماء، والجزم بالأفعال، والنصب أخو الجر لوقوعهما جميعًا إعرابًا للمفعول في مثل قولك: رأيت زيدًا، ومررتُ بزيد؛ لأنهما من حركات الفضلات،