باب الأفعال التي لا تنصرف
  والنوع الثالث: حبذا، وهو فعل ماض لزم ذا فرفعه فاعلاً، وصار كالكلمة الواحدة، ولذلك لا يتصرف تصرف الأفعال، تقول: حبذا زيد، فرفع زيدًا مبتدأ، وحب فعل وذا فاعل، وهما خبرٌ لزيد مُقدم عليه. فإن جئت بنكرة نصبتها على الحال إن كانت مشتقة مثل: حبذا زيد راكبًا، وعلى التمييز إن كانت جامدة، مثل: حبذا زيد رجلاً، ونحن نفرد أحكام حبذا، ونعم وبئس في باب الأفعال التي لا تتصرف إن شاء الله تعالى.
باب الأفعال التي لا تنصرف
  وفيه ثلاثة أسئلة: كم الأفعال التي لا تنصرف؟ وما الدليل على فعليتها؟ وما أحكامها؟
  فصل: أما كم هي؟ فقد قدمنا أنها ستة أفعال وهي: نعم وبئس، وليس وعسى، وفعل التعجب وحبذا، ومُنِعَت التصرف لعلتين:
  إحداهما: أنها نقلت من مواضعها وجعلت أنفس المعاني فشابهت الحروف، والحروف لا تتصرف وبيان ذلك أنك تقول: مدحتُ زيدا، وذممتُ عمرًا، وأجبتُ عمرًا، وتعجبتُ من عبد الله، ورجوتُ قيام زيد، ونفيتُ إحسان بكر، فيكون ذلك كله إخبارًا بأحداث واقعة فيما مضى، ولا تكون لنفس الأحداث؛ لأنك قد تقول: تعجب زيد من حُسنِ عمرو، فيكون التعجب من فعل زيد، والإخبار به من فعلك، ولو قلت: نعم الرجل زيد، وبئس الغُلام عمرو، وحبذا محمد، وما أحسن عبد الله، وعسى زيدًا أن يقوم، وليس بكر محسنًا. لكان هذا كله أنفس المعاني لا إخبارًا عنها، فنعم نفس المدح، وبئس نفس الذم وحبذا نفس تقريب المحبوب من القلب، وعسى نفس الترجي، وليس نفس النفي وما أحسن وما أقبح نفس التعجب، وهذا لطيف فتفهم إن شاء الله تعالى.
  والعلة الثانية: مع شبه هذه الأفعال للحرف أنك لما كُنتَ لا تمدح، ولا تذم ولا تعجب، ولا تخبر عن مجيئه فيما يُستقبل لأن الإخبار عنها لا يقع إلا بعد مضي