كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب عمل الصفة المشبهة باسم الفاعل

صفحة 122 - الجزء 1

  الصفة على وزن أفعل نحو أفضل من زيد وأكرم أو في تقديره نحو: خير من كذا وشر من كذا، لأن أصله أخير وأشرر بطلت المشابهة بينها وبين اسم الفاعل ونقصت عنه، وعنا الصفة المشبهة ثلاثة أوجه أنها لا ترفع إلا المضمر دون الظاهر غالبًا في مثل قولك: زيد أكرمُ منك أبًا، وأفضل عملاً، تنصب أبا وعملاً بأكرم على التمييز، وتُضمر في أكرم وأفضل ونحوهما فاعلاً لا يبرز أبدًا.

  والوجه الثاني: أنها لا تُثنى، ولا تُجمعُ بل تكون مفردة مثل قولك: الزيدون أكرمُ مِنْ عمرو.

  والوجه الثالث: أنّها تذكر ولا تؤنث تقول: هند أكرم من زيد، ولا يجوز أكرمه، وكل ذلك جائز في الصفة واسم الفاعل وإنما امتنع منه التأنيث، والتثنية، والجمع؛ لأن أفعل وبابه مؤدٍ معنى فعل، ومصدر فكأنه قد تضمنها، وكل واحد منهما لا يثنى ولا يُجمع، والفعل لا يؤنث وتفسير ذلك، أنك إذا قلت: عمرو أكرم منك كان المعنى عمرو ويزيد كرمه عليك، فيزيد، فعل، وكرمه مصدر وقد أدى معناهما جميعًا فلزمه حُكمُهما، وهذا لطيف فافهمه.

  وقلنا: إن فاعله لا يكون ظاهرًا لأن أفعل لا يقع إلا خبرًا أو صفة أو حالاً، أو صلة، وفي كل واحد منها ضمير عائد على ما قبله هو الفاعل، فلا يكون لها فاعلان: ظاهر ومضمر. وأيضًا فإن التمييز قد فسره ولا يجتمع التفسير والمفسر كما لا يسقطان معًا، وإذا نقصت هذا النقصان كله كانت أضعف العوامل لبعد رتبتها، لأنها مشبهة بالصفة، والصفة مشبهة باسم الفاعل واسم الفاعل مشبه بالفعل، فهي في الرتبة الثالثة، هذا قول الجمهور.

  والأقرب عندي أنها عملت لاشتقاقها، ونيابتها عن الفعل، وتضمن الضمير كما عمل الحرف في الإغراء مثل: عليك زيدًا والمضمر، مثل: إياك الطريق، والظرف في الحال، مثل: زيد عندك واقفًا، كل ذلك بحق النيابة فكلها لا ترفع ظاهرا.

  وقُلنا: لا ترفع أفعل الظاهر غالبًا احترازًا من مسألتين سمعت إحداهما عن