باب المفعول المطلق
  رسول الله ÷ وهي: «ما مِنْ أيام أحب إلى الله فيها الصوم منه في عشر ذي الحجة»(١)، والأخرى جاءت عن العرب وهي: ما رأيت رجلاً أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد فجرى أحب صفة للأيام، ورفع به الصوم، وجرى أحسن صفة لرجل ورفع به الكحل، وهذا شيء خارج عن الأصل. وقد ذكر طاهر بن أحمد عن بعضهم أنك لو رفعت الصوم والكحل وجعلته مبتدأ وخبرًا جاز ذلك وكان حسنًا، فقلت: ما رأيتُ رجلاً أحسنُ في عينه الكحل، وما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم، ترفع أحسن وأحب خبرين مقدمين، وهذا أيضًا موضع إشكال لأن منه بعد الصوم، ومنه بعد الكحل معمولتان لأحسن وأحب، وقد فصل بالصوم، والكحل، وعاملهما معنوي وهو الابتداء ولا يجوز عند أحد فما عملت الفصل بين الصفة وبين ما عملت فيه البتة فافهم ذلك؛ لأن الصوم: مبتدأ، وأحب: خبره، وإلى الله فيها منه من صلة أحب، وقد فصل بين أحب، وبين منه بالصوم، وليس من معموله.
باب المفعول المطلق
  وفيه أربعة أسئلة ما المفعول المطلق؟ ولِمَ جيء به؟ وعلى كم ينقسم؟ وما أحكامه؟
  فصل: أما ما المفعول المطلق؟ فهو المصدر من كل فعل متعد أو لازم نحو: ضرب ضربًا، وظرف ظرفًا، ومر مرورًا. وقيل له مُطلق لأن العبارة تنطلق عليه بغير واسطة خلافًا لغيره من المفعول به، والمفعول من أجله والمفعول معه، والظرفين فإن العبارة عن الفعل معهن لا تنطلق إلا بواسطة، مثال الجميع قولك: من فعل هذا الفعل بهذا المفعول لأجل فُلان محمد مع في هذا الوقت، وفي هذا الموضع. والمصدر اسم الفعل، والفعل مشتق منه في قول البصريين وهو الصحيح، بل هو
(١) الحديث رواه الترمذي: ٥١، وفيه: «ما من أيام أحبَّ إلى الله يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة».