باب المفعول المطلق
  الفعل الحقيقي لأن القيام فعل القائم، والضرب فعل الضارب، فعلى هذا القول الفعل على وجهين صناعي، وصياغي.
  فالصناعي: هو المصدر؛ لأنه صنعة الصانع وفعله وأحداثه، ولكونه صنعه سمي صناعيًا.
  والصياغي: هو الذي يعبر به عن الأحداث، مثل: قام يقوم، وقعد يقعد، وسمي صياغيًا لأنه صِيغَ صيغا مختلفة ليدل اختلافه على اختلاف الأزمنة.
  فصل: أمَّا لِمَ جِيء به؟ فلأحد ثلاثة أشياء: تأكيدًا للفعل، أو عددًا لمراته، أو بيانًا لنوعه، مثال الأول: قُمتُ قيامًا، وضربتُ ضَربًا، ومثال الثاني: ضربت ضربةً وضربتين، وضربات ومثال الثالث ضربتُ ضربًا شديدًا، وسرتُ سيرًا سهلاً. فما جاء تأكيدًا للفعل أو بيانًا للنوع لم يجز تثنيته، ولا جمعه، بل تقول: زيد ضرب ضربًا، والزيدان ضربا ضربًا، والزيدون ضربوا ضربًا شديدًا. وإنما امتنع ذلك لأن التثنية والجمع من خواص الأسماء الصريحة والمصدر حدث، والحدث فعل في الحقيقة فلا يُشارك الاسم في أخص علاماته، إلا أن يوضع المصدر اسما للأشياء المختلفة، فيتعزى عن أن يكون عاملاً في غيره فحينئذ يجوز تثنيته وجمعه، كالعلوم والحلوم، والعقول، والأشغال والأعمال، ومتى جاء المصدر عددا للمرات ثني وجُمِعَ، لأنه قد ازداد تمكنا في الاسمية لمضارعته لأسماء الأجناس ألا ترى أن ضربةً وضربات مثل ثمرة وثمرات، ومن هذا النوع قولهم: هذا ذيك أي: هذا بعد هذا ودواليك، ولبيك وسعديك وحنانيك، قال طرفة:
  أبا مُنذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعضُ الشر أهون من بعض
  فصل: وأما على كم ينقسم؟ فهو ينقسم على ثلاثة أقسام: مصدر صدر من اللفظ والمعنى مثل: ضرب ضربًا، وقام قيامًا. ومصدرٌ صدر من المعنى دون اللفظ مثل: شنأته بغضًا، وأبغضته كراهةً لأن في الشناءة معنى البغض وفي البغض معنى الكراهة، ومن قول الشاعر: (بسيط)
  إذا انتدى واحتبى بالسيف دانَ لهُ ... غَلَبُ الرقابِ خُضُوع الجرب للطالي