كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب المفعول المطلق

صفحة 125 - الجزء 1

  فأصدر خضوعًا من دانَ لأَنَّهُما بمعنى واحد، وربما جاء شيء من هذا القسم بالألف واللام مثل قعد القرفصى واشتمل الصمى ومشى القهقرى، والعنقى والرتكي والمرطى.

  ومصدر لم يصدر من لفظ ولا معنى؛ وذلك مثل قولهم: ويل زيد، وويحَ زيد، وويحه وويسه لم يستعمل معها أفعالها لاعتلالها بحرفين من نحو: وئل يوئل. وقد قيل: إن ويل ونحوه مفعول به، وليس بمصدر بل ينتصب بفعل مقدر؛ تقديره: صادق زيد ويلاً ولاقاه أو ألفاه.

  فصل: وأما أحكامه فمختلفة: واجب، وجائز، وممتنع.

  فالواجب أنَّ المصدر متى كان الفعل معه مذكورًا أو مصدرًا كان منصوبا به، مثل: ضربتُ ضربًا، ويا زيد ضربًا عمرًا أي اضرب ضربًا عمرًا، قال الله تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ}⁣[محمد: ٤] معناه اضربوهم ضربَ الرّقاب ورُبَّما يكون ذكر المصدر دون الفعل من ذكر الفعل دون المصدر قال كثير:

  فعفوا أمير المؤمنين وحسبه ... فما تحتسب مِنْ صالح لك يُكتبُ⁣(⁣١)

  وما أضيف إلى المصدر انتصب انتصابه مثل: سرتُ أسهل سير، وقمتُ أحسن قيام، وصمتُ أحسن صوم، ومتى نُقِلَ المصدر من هذا الحال، ولم يكن معمولاً للفعل الدال عليه استفاد حكمين واجبين:

  أحدهما: أنه يجري بتصاريف الإعراب مثل: أعجبني قيام زيد، وكرهتُ قيام زيد، وعجبتُ من قيام زيد.

  والثاني: أنه يعمل عمل الفعل الذي اشتق منه إن لازمًا فلازم، وإن مُتعديًا فمتعد إلى واحد، وإلى اثنين يجوز الاقتصار على أحدهما أو لا يجوز، وإلى ثلاثة، وبحرف جر يجوز حذفه أو لا يجوز حذفه مثال ذلك كله: يُعجبني قيام زيد، تقديره: أن قام زيد. ومثله: يعجبني الضرب زيد عمرًا، والإعطاء زيد عمرًا درهما،


(١) البيت في شرح الحماسة للمرزوقي: ٤/ ١٧٥٨.