باب المفعول معه
  على كل، والخبر محذوف تقديره: كل إنسان ورأيه مقرونان، وكل رجل وصنعته معروفان، أي: مع صنعته ورأيه.
  والضرب الثالث: يجوز فيه وجهان: النصب والرفع، والنصب أجود لوجود الدليل على العامل نحو قولك: ما صنعت شيئًا وزيد وزيدًا، وأي شيء فعلت وزيدًا وزيد. وإنما حسن النصب هاهنا لوجهين؛ أحدهما: أنه لا يحسن أن يعطف على ضمير الرفع حتى تؤكده، فتقول: ما صنعتُ شيئًا أنت وزيد، وأي شيء فعلت أنا وزيد. والثاني: لوجود الدليل على العامل وهو النفي والاستفهام لأنهما بالفعل أخص، وكذلك إذا كان تقدير الفعل مستترًا. وأكثر ما يكون ذلك في الأوامر، وهو مثل قولهم: رأسك والحائط، ووجهك والأرض، وإياك والمزاح، قال الشاعر: (متقارب)
  فإيَّاك أنت، وعبد المسيح ... أن تقربا قبلة المسجد(١)
  والتقدير: ألصق وجهك بالأرض وبالحائط، واحذر المزاح، وتجنب مع عبد المسيح قبلة المسجد. كل ذلك يستحب فيه النصب لوجود الدليل على العامل، أو تيسر تقديره، ويلحق بذلك المصدر يأتي بعد المبتدأ ومنه قول الشاعر: (متقارب)
  وما أنا والسير في مُهمةٍ ... تَبَرَّحُ بالذكر الضَابِط
  ومثله: (وافر)
  وما أنا واللده حولَ نَجْدِ ... وقد غَصَّتْ تِهَامَةُ بالرجال(٢)
  وقد ينتصب المفعول بالفعل المقدر إن كان معلومًا نحو قول الشاعر: (رجز)
  ...... علفتها تبنا وماء باردا(٣)
  وقول الآخر: (رجز)
(١) البيت لأسامة بن الحارث الهذلي انظر: ديوان الهذليين: ٢/ ١٩٥، وفيه (في متلف) بدل (في مهمة) كما في الكتاب: ١/ ١٥٣، اللسان مادة (عبر): ٦/ ٢٠٦، وكتاب الجمل للزجاجي: ٣٠٩، وفيه: (فما). وقد نسب له في جميع ما تقدم.
(٢) البيت من الوافر لمسكين الدارمي، انظر: ديوانه: ٦٦.
(٣) البيت غير منسوب في شرح الحماسة للمرزوقي: ٣/ ١١٤٧.