باب الحال
  كتاب مصدق فصيحًا ويجوز أن يكون منصوبًا على أنه معمول لمصدق ويكون اللسان رسول الله ÷، كأنه قال: مُصدقٌ لِسانًا عربيًا، وقال تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}[المؤمنون: ٥٢].
  والمتممة كل حالٍ تم بها الكلام، ولا يكون إلا مع المصادر إذا وقعت مبتدآت وحذفت أخبارها وأنيبت الأحوال منابها فتمت الفائدة، وذلك نحو قولك: عهدي بزيد قائمًا فعهدي مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى الفاعل، والياء وزيد مفعول، وقائمًا حال وقد سدت مسد الخبر. وإنما جاز ذلك لأن المصدر في التحقيق فعل كأنك تقول: عهدت زيدًا قائمًا، ومثله: ضربي له مبطوحًا، وحبسي له ظالمًا، وشتمي له مستحقا، وما أشبه ذلك.
  فصل: وأحكام الحال كثيرة تنقسم ثلاثة أقسام: واجب، وجائز، وممتنع.
  فالواجب: أنَّها تكون منصوبة مطالبة بناصب ينصبها، وصاحب الحال يكون منه وله. فصاحبها هو المعرفة التي قبلها والناصب لها هو العامل في صاحبها وسواء عمل فيه نصبًا، أم رفعًا، متعديًا كان أم لازمًا؛ مثل: جاءني زيد مسرورًا، ورأيتُ بكرًا مظلومًا مغمومًا. وقد يكون العامل فعلاً كما مثلنا، وقد يكون مشبها للفعل؛ نحو: أسماء الفاعلين والمفعولين في مثل عجبتُ من المُكرم أباه شيخًا، ومن المضروب أبوه مبطوحًا، وقد يكون معنى فعل، وذلك ثلاثة أشياء: أسماء الإشارة في مثل: هذا زيد واقفًا، فالعامل في واقف ما فيها من معنى التنبيه، أو ذا من معنى الإشارة، كأنك قلت أنبه على زيد، واقفًا، أو أشير إليه واقفًا. والثاني: الظروف إذا تعلقت بفعل محذوف مثل قولك: زيد عندك مقيمًا، قال يزيد بن الجهم: (متقارب)
  رجوت سقاطي واعتلالي ونبوتي ... وراءَكِ عنّي طالقا وارحلي غدا
  فنصب طالقًا بورائك والثالث: الحروف إذا تعلقت أيضًا بمحذوف: مثل قولك: زيد في الدار مقيمًا، فالعامل في مقيم في المسألتين نفس الظرف والحرف اللذين هما عندك، وفي الدار لأنهما قد سدا مسدّ الخبر وتضمنا الضمير الذي كان