باب الاستثناء
  فصل: أما ما الاستثناء؟ فهو إخراج بعض من كل بإلا، أو بكلمة فيها معنى إلا، مثل: جاء القوم إلا زيدًا. وشرطه أن يكون الاستثناء أقل من المستثنى منه، مثل: عندي عشرة إلا أربعة ولو قلت عندي عشرة إلا تسعة لم يجز عند الأكثر لأنك إنَّما تُخرج بعضًا من كل، والبعضُ أقل من الكل فإن كان من موجب كان منفيا، مثل: جاء القوم إلا زيدًا، فكما أوجبت المجيء للقوم نفيته عن زيد، وإن كان من منفي كان موجبًا، مثل: جاء القوم إلا زيدًا، فكما نفيت المجيء عن القوم أوجبته لزيد، لأن إلا تخرج ما بعدها مما دخل فيه ما قبلها، ويدخل ما بعدها في خرج منه ما قبلها.
  فصل: وأما على كم ينقسم الاستثناء؟ فهو ينقسم على خمسة أضرب: مُقدم، ومنقطع، وموجب، وغير موجب، ومفرغ.
  فالمقدَّم مثل: ما جاءني إلا زيدًا أحد، وقيل له مقدم؛ لأنه قدم على المستثنى منه قال الكميت (طويل)
  وما لي إلَّا آل أحمد شيعة ... وما لِي إِلا مَشْعَبَ الحَقِّ مَشْعَبُ(١)
  وقال حسان بن ثابت: (بسيط)
  والناس ألب علينا فيك ليس لنا ... إلا السيوف وأطراف القَنَا وَزَرُ(٢)
  والمنقطع مثل ما في الدار أحد إلا حِمارًا، وسُمي منقطعًا لأن الاستثناء من غير جنس المستثنى منه، قال الله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ٣٠ إِلَّا إِبْلِيسَ}[الحجر: ٣٠]، {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ}[النساء: ١٥٧]؛ لأن إبليس ليس من الملائكة واتباع الظن ليس من العلم وقد يكون منقطعًا من الصفة، مثل قول الله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا}[العصر: ٢ - ٣] أي: المؤمنين. وأكثر ما يأتي المنقطع وله خبر يُفاد بهِ عنه نحو قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ
(١) انظر: الهاشميات: ص ٣٩
(٢) انظر: ديوانه: ص ٢٠٠.