كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الاستثناء

صفحة 153 - الجزء 1

  فصل: وأمَّا الجائز فإن الاستثناء متى كان غير موجب جاز إتباعه الأول على البدل وجاز قطعه عنه منصوبًا على أصل الاستثناء، والإتباع أجود لأنه يرجع مفرغا مع إسقاط البدل الزائد، مثالها جميعًا ما قام أحد إلا زيد، وهل مررتُ بأحد إلا زيد وزيدا؟ ولا تضرب أحدًا إلا زيدًا وينوي به الإتباع أو القطع.

  ومن الجائز أن الاستثناء إذا كان بناقص جاز حذفه إذا ذكرت الصلة، قال الله تعالى: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ ١٦٤}⁣[الصافات]، و {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ}⁣[النساء: ١٥٩]، والأصل: إلا من له مقام معلوم، وإلا لمن يؤمن بِهِ. وأما الممتنع فإنه متى كان الاستثناء مفرغا لم يجز نصبه على أصل الاستثناء، ولكن يُطلق عليه العامل، فيرفعه فاعلاً، أو ينصبه مفعولاً، أو تجره بالحرف على حد قولك: ما قام إلا زيد، ولا رأيتُ إلا زيدا، ولا مررتُ إلا بزيد. وقُلنا في الاستثناء المُقدم: لا يجوز رفعُه ولا جرّه؛ لأن الرفع والجر فيه لا يكونان إلا إتباعا، فإذا قُلت: ما جاءَ أحدٌ إلا زيد ولا مررتُ بأحدٍ إلا زيد، فزيد بدل من أحد، ويجوز أن تقول: إلا زيدًا فتنصبه على أصل الاستثناء، وهو أضعف الوجهين. فإذا قلت: ما جاء إلا زيدا، أحد لم يجز الإتباع؛ لأن البدل لا يتقدم على المبدل منه، فلم يبق إلا أن ينصبه على أصل الاستثناء، فقوي الوجه الضعيف حتى صار لا يجوز غيره. ونظيره الحال من النكرة، فإنَّك إذا قُلت: جاءني رجلٌ مُسرع حسن في مسرع الرفع نعتًا للرجل، وجاز نصبه على الحال على بُعدٍ وضعف حال، فتقول: جاءني رجلاً مسرعًا، فإن قدمته قوي الوجه الضعيف فلم يجز إلا النصب، فقلت: جاءني مسرعًا رجل؛ لأن النعت لا يتقدم على المنعوت، وقد ذكرنا ذلك في باب الحال، وإنَّما أوردناه هاهنا لما استدعاه القياس، وزيادةً في البيان. وكذلك امتنع الرفع في الموجب لأنه لا يجوز فيه البدل فتقول نحو: جاء القوم إلا زيدا؛ لأن المفرغ لا يكون إلا معتمدًا على نفي أو شبهه.

  فصل: وأما كم أدوات الاستثناء؟ فثلاث عشرة وهي: إلا، وغير، وسوى، وسوا، وسُواء، وما خلا، وما عدا، وليس ولا يكون وحاشا، وخَلَا، وبله، وسيما.