كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب التعجب

صفحة 157 - الجزء 1

  ووجهُ آخر: وهو أن هذا الفعل فارغ يأتي بلفظ الواحد والاثنين والجمع والمؤنث من نحو: يا زيد أحسن بعمرو، أيا زيدان أحسن بعمرو، ويا زيدون أحسن بعمرو، ويا هند أحسن، بعمرو لأن المعنى يا زيدان ما أحسن عمرا. ويا هند ما أحسن عمرًا، ولو كان فعل أمر لبرز فيه الضمير في التثنية والجمع فقلت: يا زيدان، ويا زيدون ويا هند أحسنا وأحسنوا وأحسني بعمرو فمبني على أصل البناء وهو الوقف ولم يبن على الحركة كسائر الأفعال الماضية لأنه قد فارقها في الأوجه التي شابهت بها المستقبل فحركت لذلك، وذلك أن المستقبل ضارع الأسماء فأعرب، وضارع به الماضي بأشد المضارعة وذلك من ستة أوجه يقع فيها موقعه، وهي: الصفة، والصلة، والحال، والخبر، والشرط والجزاء، فبني على حركة.

  وهذا الفعل لا يقع صلة، ولا صفة، ولا حالاً، ولا خبرًا، ولا شرطًا، ولا جزاءً فبقي على أصله مبنيا على الوقف، وقد قيل: إنَّه بُني على الوقف لملاقاته فعل الأمر من جهة اللفظ، والصحيح ما ذكرت لك. وكذلك قيل في ما: إنَّها بُنيَتْ لملاقاتها ما التي للنفي من جهة اللفظ والعلة المقدمة أجود على الأصل، وهذه لها مثيلة؛ لأن الاسم لا يخرج عن أصله وهو الإعراب إلا بشيئين فافهم ذلك.

  وإِنَّما

  فصل: وأما أحكام هذا الباب فكثيرة، ينقسم ثلاثة أقسام: واجب، وجائز، وممتنع.

  فالواجب أن يكون التعجب فعلاً ماضيًا ثلاثيًا قد صيغ على فَعُل مثل: حَسُنَ، وأدخلت عليه همزة النقل فقيل: ما أحسنه، وأخين به، ومنع التصرف ونصب به المتعجب منه لفظًا مثل: ما أحسن زيدًا، أو تقديرًا مثل: أحسن بزيد. وجب أن يكون ماضيا لأن فيه معنى المدح والذم وأنت لا تمدح، ولا تذم إلا على الماضي. ووجب أن يكون ثلاثيًا لأنه أخف أوزان الفعل، وهذا الباب كثير الاستعمال، فوجب أن يكون بأخف الأفعال أن ووجب يُصاغ قبل همزة النقل على فعل ليكون خاصا للطباع ليستحق به صاحبه المدح، أو الذم فلو قلت: ما أضرب زيدًا لعمرو لكنت قد صغته أولاً على فَعْل مثل: ضَرْب زيد أي صار كثير الضرب