كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب أحكام أو، والواو، والفاء

صفحة 173 - الجزء 1

  كان هذا أيضًا خطأ، لأنه لو لم يقدر أن المصدرية كان قد أوقع الفعلين أعني يمنعها، ويمنعها على تكلم وتميس، وجعلهما مفعولين لهما وذلك ممتنع في كل فعل مفعوله الثاني غير الأول، ولا يكون مفعولاه جميعًا إلا اسمين صريحين إذ ليس أصلهما المبتدأ والخبر فافهم ذلك فإنَّه لطيف، وهذا شيء عرض ثم نعود إلى ذكر الواو، واعلم أن الواو أكثر ما يقعُ جوابًا للنهي والاستنكار كما قدمنا، وقد يجيء في الواجب إذا اعتمدت على مصدر في صدر الكلام كما قالت الكلبية: (وافر)

  للبس عاءة وتقر عيني ... أحبُّ إليَّ من لبس الشفوف⁣(⁣١)

  أراد وأن تقر. ومثله قول الأعشى: (طويل)

  لقد كان في حول ثواء ثويته ... تقضي لبانات ويسم سائم⁣(⁣٢)

  ولا يكون ذلك إلا في صدر الكلام مصدرًا غالبًا، واحترازًا هاهنا من نحو قوله تعالى: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ١٤٢}⁣[آل عمران]، أي: وأن يعلم وهذا في الكلام قليل فاعرف ذلك.

  فصل: وأما الفاء فإنَّها تنصب للجوابات الثمانية، أعني: جواب الأمر والنهي، والتمني، والجحد، والعرض والاستفهام والتحضيض، والدعاء، مثال الأمر: قم فأقوم معك، قال الله تعالى: {كُنْ فَيَكُونُ ١١٧}⁣[البقرة] في قراءة ابن عامر أراد: فأن أقوم، وكن فأن يكون، ومثال النهي لا تقم فأضربك، قال الله تعالى: {وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ}⁣[الأعراف: ٧٣] و {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ}⁣[طه: ٦١]، ومثال التمني: ليت زيدًا عندنا فنكرمه، ألا ماء باردًا


(١) البيت منسوب لميسون بنت بجدل زوجة معاوية بن أبي سفيان انظر: شرح المفصل: ٧/ ٢٥ والكتاب: ١/ ٤٢٦.

(٢) انظر: ديوان الأعشى: ٧٧.