باب أحكام أو، والواو، والفاء
  فنشربه، قال الله تعالى: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ٧٣}[النساء]، ومثال الجحد ما أسأت فأهان ولا لقيت زيدًا فأكلمه قال الله تعالى: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ}[الأنعام: ٥٢]، ومثال العرض: أنزل بنا فنحدثك، فهذا عرض وليس بأمر لأنه لا يلزمه النزول ولا هو ندب أيضًا؛ لأنه لا يحمد عليه، ولكنه عرض يكون فيه بخياره إن شاء نزل وإن شاء لم ينزل ومثال الاستفهام أين بيتك فأزورك؟ قال تعالى حاكيا: {أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي}[المائدة: ٣١]، نصب أواري بالفاء جوابا، ولا يجوز أن يعتقد أنه عطف على أكون لأن المعنى يُخيل من حيث إنَّه يعجز أن يكون مثل الغُراب، والعطف منقطع من المعطوف عليه، بمعنى أن الأول لا يحتاج إلى الثاني ما لم يكن الفعل مفتقرًا إلى فاعلين مثل: تخاصم زيد وعمرو، لأن التقدير مع العطف أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب، وعجزت أن أواري، وهو في الحقيقة عاجز أن يكون غُرابًا، والتقدير مع الجواب: أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب في مواراته سوءة أخيه فأواري سوءة أخي. ومثال التحضيض: ألا تتوب فيغفر الله لك، هلا قلت كذا وكذا فأعذرك، قال الله تعالى: {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ١٠}[المنافقون]، ومثال الدعاء: ربّ هب لي مالاً فأنفق منه، وجاها فأبذله.
  فهذه الثمانية أجوبة منصوبة بالبناء على تقدير أن، ولو دخلت في جواب الشرط لارتفع خلافًا لسائر الأجوبة مثل: إن تقم فأقوم معك، أي فأنا أقوم معك. ومتى سقطت الفاء جزمت الأجوبة لأن فيها معنى الشرط إلا الجحد وحده فإنَّه يكون مرفوعًا، فصار جملة الأمر أنَّ الأجوبة تسعة، كلها منصوب مع الفاء إلا الشرط، وكلها مجزومة مع سقوط الفاء إلا الجحد واعلم أنه يجوز العطف بالجزم على موضع الفاء، نحو قولك: لا تعص الله فيعذبك ويخلدك في النار، قال الله