باب الجر
  وأنبياء وخلفاء، قال الله تبارك وتعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ}[البقرة: ١٢٥]، وإنما كانت الفتحة هاهنا علامة للجر؛ لأن ما لا ينصرف لا يدخله جر لشبهه بالفعل، والفعل لا يجر فحملت حركته على أختها وهي الفتحة وقد ذكرنا وجه الأختية بين النصب والجر.
  والياء تكون في ثلاثة أنواع في الستة الأسماء المعتلة المضافة، نحو قولك: مررتُ بأبيك وأخيك وفيك، وفي التثنية مررتُ بالزيدين والهندين، وفي جمع المذكر السالم مررتُ بالزيدين والمسلمين، وإنما كانت الياء علامة الجر في الأسماء المعتلة المضافة لأنها صارت كالعوض من لاماتها المحذوفة، وكانت علامة للجر في التثنية والجمع؛ لأنهما أكثر من الآحاد والآحاد تعرب بالحركات، فإعرابهما هو أكثر من إعراب الآحاد وليس أكثر من الحركات إلا الحرف، وخصت الياء دون غيرها من الحروف لأنها تتولد من الكسرة فصارت أخص بها.
  فصل: وأما بم يكون الجر؟ فهو يكون بشيئين: إضافة، وأداة، فالإضافة: باب نستوفي شرحها فيه إن شاء الله تعالى.
  والأدوات ثماني عشرة وهي مِنْ وإلى، وفي ورب، وواوها، وفاؤها، والباء الزائدة، واللام الزائدة، وواو القسم، وباؤه، وعَنْ، وعَلَى، ومَعَ، ومُذ، ومنذ، وكاف التشبيه، وحاشا، وخلا، في قول بعضهم، كل هذه تجر الاسم لفظا أو تقديرا، وتوصل إليه معنى الفعل، فاللفظ نحو قولك: سرتُ من الكوفة إلى البصرة، ورب رجل كلمته، وبزيد خصلة حسنة، ولعبد الله مال، والله ما فعلت كذا، {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ}[الأنبياء: ٥٧]، وعن محمد نقلت، وعلى زيد نزلت، أخيك ومع أتيت، ومذ شهر ما رأيتك ومنذ يوم الجمعة فقدت فُلانًا، وما رأيت رجلاً كزيد، وجاء القوم حاشا زيدٍ، وخلا زيد والتقدير نحو قولك: سرتُ من مكة إلى يثرب، وبلغت عن موسى إلى يحيى كذا، ومررتُ بك ونزلتُ على هذا، وخضتم كالذي
  خاضوا، وبكم درهم اشتريت ثوبك، وكذلك الباقي.