كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب القسم

صفحة 187 - الجزء 1

  فخالف فلا والله تهبطُ تَلعَةً ... من الأرض إلا أنت للذل عارف⁣(⁣١)

  أي: لا تهبط.

  وقلنا في حذف حرفي الإيجاب: غالبًا، احترازًا من الجواب المقدم، أو ما هو في حكم المقدم. فالمقدم مثل قول بعض العرب في أتى خاله من بعض أسفاره فقال: خالي والله، وقد ذكرنا البيت: (وافر)

  فذاك أمان ة الله الثريد

  والذي في حكم المقدم مثل قول الله تعالى {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ١}⁣[البروج]، وقوله: قُتِلَ أصحاب الأخدود والسماء ذات البروج، ومثله: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ١}⁣[ص] جوابه والله أعلم: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} والتقدير: كذبت قبلهم قوم نوح (ص، والقرآن). ويجوز أن يكون جوابه أن {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ٦٤} في آخر السورة، أو {إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ ١٤}⁣[ص] في وسطها أو ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة. وفي نيَّة التقديم قوله سبحانه {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ١}⁣[الشمس] جوابه: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا ١١}⁣[الشمس] والتقدير: كذبت ثمود بطغواها، والشمس وضحاها. وقد قيل: إنَّ اللام مضمر مع قد والتقدير لقد أفلح، والأول أحسن لأنك لو قلت: قد أفلح من زكاها، والشمس وضحاها لم يفد الضمير في زكاها على مذكور، وكذلك لو لم يكن في نية التقديم لفتح، لأن القسم لا يكون إلا على أمر ظاهر، ولو كان جوابًا لقال قد أفلح من زكا مع أن النفس في جملة ما أقسم به، فلا يحسن أن يكون الشيء المقسم من أجله، فافهم ذلك فإنه حسن جدًا.

  فصل: وأدوات القسم ست الباء، والواو، والتاء، ولام التعجب وألف


(١) البيت موجود في ديوان الفرزدق.