كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب القسم

صفحة 188 - الجزء 1

  الاستفهام، وهاء التنبيه مثال الجميع بالله لأفعلن كذا، قال تعالى: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ}⁣[ص: ٨٢]، وتقول: والله لا فعلتُ، قال تعالى: {وَاللَّهِ رَبِّنَا}⁣[الأنعام: ٢٣]، وتقول: تالله ما قام زيد، والله لا يبقى حي إلا الله، ولا يكون ذلك إلا عند التعجب من عظيم الأشياء قال الشاعر: (بسيط)

  لله يبق الأيام ذو حيد ... بمشمخر به يان والآس⁣(⁣١)

  معناه: لا يبقى على الأيام ذو حيد وهو الوعل، إذ لا شيء يمنع من قدرة الله، ومثال ألف الاستفهام وهاء التنبيه قولهم: والله لأفعلن، وها الله لأفعلن.

  فصل: وأحكامها مختلفة لاختلافها في أنفسها إذا كانت أصلاً، وبدلاً من الأصل، وعوضًا من البدل، ونائبًا مناب العوض فالباء أصل حروف القسم، ولذلك دخلت على الظاهر والمضمر، والخالق والمخلوق لعموم الأصل، وذلك قولك: بالله لا فعلت كذا، وبه لأفعلن كذا، وبرسول الله لا كلمت فلانًا، قال الشاعر في دخول الباء على المضمر: (وافر)

  ألا بكرت أمامة باحتمال ... لتحزنني فلا بِكِ ما أبالي⁣(⁣٢)

  والواو بدل من الباء ولا تدخل إلا على الظاهر دون المضمر، فنقصان البدل عن المُبدل منه تقول: والله لا فعلتُ ولا يجوز وهؤلاء فعلت كما جاز به لا فعلتُ، وإنَّما أبدلوا الواو من الباء لتقاربها في اللفظ والمعنى، أما اللفظ فإنهما شفويتان، وأما المعنى فإن معنى الواو الجمع بين الشيئين ومعنى الباء إلصاق الشيء بالشيء والجمع والإلصاق بمعنى واحد والتاء عوض من الواو، ولا تدخل إلا على اسم الله تعالى وحده قال الله تعالى {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ}⁣[يوسف: ٨٥]، ولا يجوز أن تقول تا، الرحمن ولا تا الرسول؛ لأنَّهُما أضعف من الواو، وإذا كانت عوضًا منها والعوض ينقص عن المعوض فلزمت أصل القسم، وهو بسم الله


(١) البيت لأمية بن أبي عائذ انظر: الكتاب: ٢/ ١٤٤.

(٢) البيت منسوب إلى قوبة بن سلمى وهو في الخصائص: ٢/ ١٩.