كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب العطف

صفحة 210 - الجزء 1

  والإبهام إلا أن الشك معها والتخيير والإباحة والإبهام ينبني عليه الكلام من أول وهلة، تقول: جاءني إما زيد وإما عمرو إذا كنت شاكا، وقال الله تعالى في التخيير: {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ٣}⁣[الإنسان]، وقال في الإبهام: {إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ}⁣[مريم: ٧٥]، وقال تعالى في الإباحة: {إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ٨٦}⁣[الكهف]. ولا تكون إما إلا مكسورة مكررة، والمحققون لا يجعلونها عاطفة لتكرارها مع الأول والثاني، وحرف العطف لا يكون معها جميعا، ويكون العطف للواو قبلها، ودخلت لتأكيد الشك أو الإباحة أو التخيير أو الإبهام، وإنما يُمنع من ذلك أن الواو يجمع بين شيئين وهذه الواو غير جامعة، والعطف بإما أولى. والله أعلم.

  فصل: وأما أحكام المعطوف فثلاثة أقسام: واجب، وجائز، وممتنع. فالواجب أن يكون العطف في غالب أحواله تابعًا للمعطوف عليه في تسعة أشياء: في اسميته، مثل: رأيت زيدًا وعمرًا، وفعليته مثل: قام زيد وقعد عمرو، وحرفيته، مثل: حييت من زيد ومن عمرو، قال الله تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ}⁣[التوبة: ١٠١]، ورفعه، مثل: جاء زيد وعمرو، ونصبه مثل: رأيت زيدًا، وعمرًا، وجره، مثل: مررت بزيد وعمرو، وجزمه، مثل: لم يقل ويقم، قال الله تعالى: {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ٦٩}⁣[الفرقان] ومضيه - أعني الفعل - مثل: قام وقعد، واستقباله مثل: يقوم ويقعد فمن الأسماء ما يجب العطف على لفظه، مثل: ما تقدم تمثيله ومنها ما يجب العطف على موضعه دون لفظه، وذلك أربعة أنواع، وهي: ما لا ينصرف في الجر، وجمع المؤنث السالم في النصب، والأسماء المنقوصة في الرفع والجر، وجميع المبنيات التي حركتها صريحة في البناء، مثال ذلك على الترتيب: مررتُ بإبراهيم وزيد ورأيتُ المسلمات وعمرًا، وجاءني قاض