كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب التوكيد

صفحة 217 - الجزء 1

  أكتع، أبصع. وإنما قلنا: إنَّ الأربعة أصول لأنَّه يؤكد بها مجتمعة ومفترقة تقول: جاءني زيد نفسه. ورأيتُ أخاك عينه. وأمرت بقبض الدراهم كلها. وخزن المال أجمع. وتقول: جاءني زيد نفسه عينه وقبضت المال كله أجمع. فتجمع بين التوكيدين بغير حرف عطف. قال الله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ٣٠}⁣[الحجر] وتقول: هذه دراهمك أنفُسها أعينها، كُلُّها جَمعاء كتعاءُ بصعاءُ؛ قَالَ رسول الله ÷ في علي # «والله لئن أطعتموه واتبعتموه لتدخلنَّ الجنَّة أجمعون أكتعونَ أبْصَعُون». وقلنا: إنَّ أكتع وأبصع محمولان على الأصل، وليسا بأصل. لأنه لا يجوز التوكيد بهما إلا بعد أجمع. أو قلت: جاءني القوم أكتعون، أو أبصعون لم يجز ذلك لأنَّه لا يكون أكتع إلا تابعا لأجمع وأبصع تابعًا لأكتع ولا يتبع هذه التواكيد المعنوية إلا المعارف خاصة دون النكرات والأفعال للحروف خلافًا للفظية. ولا تكون إلا معارف وكلها تتعرف بالإضافة إلا أجمع، وأكتع وأبصع، وما تصرف منهن مثل أجمعين وأكتعين، وأصبعين، وجمعاء وكتعاء، وبصعاء. أجمعين أكتعين أبصعين وجمعاوين وكتعاوين، بصعاوين جمع كتع، بصع. فإنَّ هذه كلها تعرف بقطعها عن الإضافة واختصاصها بتأكيد المعرفة. فتعريفها كتعريف قبل وبعد وقط وما أشبه ذلك.

  فصل: وأما ما أحكام التوكيد؟ فكثيرة تنقسم ثلاثة أقسام: واجب وجائز وممتنع. فالواجب أن التأكيد يتبع المؤكد في تسعة أشياء: في رفعه ونصبه وجره غالبًا وتوحيده، وتثنيته، وجمعه، وتذكيره، وتأنيثه، وتعريفه مثال ذلك كله: جاءني الأميرُ نفسُه، ورأيتُ أخَاكَ عينه. وأحطتُ بعلمك كلّه. وقبضت المال أجمع أكتع أبصع. وشريتُ الدَّار جمعاء. وجاءني الزيدان كلاهما. ورأيتُ إخوتك أجمعين. وجاءتني النساء جمع ورأيتهنَّ جُمْعَ. ومررتُ بِهُنَّ جُمع يا فتى.

  وأما الجائز: فاتباع بعض التوكيد بعضًا بغير حرف عطف مثل: جاءني زيد نفسه عينه.

  ويجوز توكيد الأسماء الظاهرة كلها سوى النكرات، وتوكيد المضمرات،