باب التوكيد
  والمبهمات على اختلاف أنواعها وتوكيد ما يتبعض وما لا يتبعض بنفسه وعينه مثل: جاءني زيد نفسه عينه، وقبضتُ المال نفسه عينه. فأما كل وأجمع فلا يؤكد بهما إلا ما يتبعض خاصة لو قلت: جاءني زيد كلُّه أو أجمع لم يجز ذلك لأنه لا يمكن مجيء بعضه. فإن قلت: اشتريتُ المال كله. جاز لأنك تشتري بعضه. وأكتع وأبصع في حكم أجمع ويجوز توكيد المُنادى المضموم بالفتح والضم نحو: قولك: يا تميم أجمعين وأجمعون. وتوكيد اسم إنَّ المكسورة بالنصب، والرفع نحو قولك: إنَّ زيدًا نفسه ونفسه قائم. وتوكيد ما أضيف إليه المصدر بالجر على اللفظ والرفع إن كان فاعلاً، والنصب إن كان مفعولاً على الموضع مثل عجبتُ من ضرب زيد نفسه ونفسه عمرًا. ومِنْ ضرب عمرو نفسه ونفسه زيد. وتوكيد ما أضيف إليه اسم الفاعل بمعنى الحال والاستقبال بالجر على اللفظ والنصب على الموضع مثل: هذا ضارب زيدٍ نفسِه ونفسُه عمرًا غدًا أو الساعة. ولجواز هذه الوجوه خاصة قُلنا في أول الفصل: غالبًا.
  وأما الممتنع: فتقديم التوكيد على المؤكد لأن معناه البيان فلا يتقدم المبين وإقامته مقامه؛ لأنه تخصيص له فلو اطرح المخصص لم يكن للتخصيص معنى يفهم، وعطف بعضه على بعض نحو: جاءني زيد نفسه وعينه لأن العطف والمعطوف شيئان مشتركان في اللفظ والمعنى أو في اللفظ دون المعنى والتوكيد والمؤكد شيء واحد. فلا يجوز عطف الشيء على نفسه.
  ومن الممتنع توكيد ما لا يتبعض بكل وأجمع مثل: جاءني زيد كله، أو خلق الله آدم أجمع، لأن معنى التوكيد إزالة الشك، والتبعيض والسامع لا يشك أن زيدًا لم يمكن مجيء بعضه. وأنّ آدم لا يكون خلقًا لخالقين أو لأكثر فتوكيد مثل هذا لا يزيده بيانًا، ولا يرفع عنه إشكالاً فلا معنى إذن. ويمتنع توكيد المرفوع بغير مرفوع وتوكيد المنصوب بغير منصوب والمجرور بغير مجرور. سوى ما استثنيناه في الأحكام الجائزة لأن التوكيد ليس فيه معنى مدح ولا ذم كالنعت فيقطع، ولا يجوز أن يختلف التوكيد والمؤكد شيء واحد. والشيء الواحد لا يكون مفردًا