كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب المعرفة والنكرة

صفحة 249 - الجزء 1

  ومنكور وموجود وباق ومعدوم فإن في المعنى أو منتظر في الاستقبال ولو قلت: زيد أو الكعبة أو أنا أو هذا لاختص بشيء واحد معروف ولم يدخل تحته غيره وغير أن النكرة وإن كانت هي الأصل، فهي إذا جمعت هي والمعرفة غلبت المعرفة عليها فتقول: جاءني رجل وزيد ضاحكين وتنصب على الحال، ولا ترفع على الصفة، وتصير النكرة مع المعرفة بمنزلة المعرفتين إحداهما أعرف من الأخرى.

  فصل: وأما على كم ينقسم كل واحد منهما؟ فإن المعرفة تنقسم على خمسة أقسام غالبًا المضمرات والأعلام والمبهمات، وما عُرِفَ بالألف واللام، وما أضيف إلى واحد منها.

  فالمضمر: كل اسم كني به عن الظاهر للاختصار مثل: أنا، وأنت، وأنتِ يا امرأة، للحاضر. وهو، وهم، وهي، وهن، للغوائب وقد أحصيناها في أول الكتاب. والعلم كل اسم وضع على شيء مخصوص لتعرف به دون سائر جنسه مثل: زيد، وهند، وعبد الله، وأبي بكر إذا لم ترد بذلك الإضافة، ولا الكنية ولكن يكون نفس الاسم.

  والمبهم: كل اسم أشير إليه بهذا وهذه وهؤلاء. والذي فيه الألف واللام مثل: السماء، والأرض، والكعبة والرجل والمرأة ما لم تكن الألف واللام فيه بمعنى الذي، أو من نفس الكلمة. والمُضاف إلى واحد منها مثل: غُلامك وغُلام زيد، وغلام هذا، وغُلام القاضي فهذه خمس معارف بعضها أعرف من بعض.

  والنكرة أيضًا تنقسم خمسة أقسام وعلى جهة التقريب لا أنها قسمة صحيحة وهي شيء وجسم وحيوان وإنسان ورجل. فالشيء ما كان موجودًا والجسم ما كان مشخصا، والحيوان ما كان له روح ويألم والإنسان جميع بني آدم، والرجل يختص ذكور العاقلين دون الإناث، وبعض هذه النكرات أنكر من بعض. فكل شيء كان أعم من غيره فهو أنكر منه فعلى هذا تقول: أنكر النكرات شيء ثم بعده جسم ثم بعده حيوان، ثم بعده إنسان ثم بعده رجل يدلك على ذلك أن الأخص يدخل في الأعم. كل جسم شيء وليس كل شيء جسما؛ لأن الأشياء ثلاثة: الله تعالى،