كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب المعرفة والنكرة

صفحة 250 - الجزء 1

  والجسم والعرض. وتقول كل حيوان جسم وليس كل حيوانا، لأن الجسم شيئان جماد وحيوان وتقول: كل إنسان حيوان وليس كل حيوان إنسانًا لأن الحيوان يشتمل على الملائكة $ والجن والبهائم مع الإنسان، وتقول: كل رجل إنسان وليس كل إنسان رجلاً؛ لأن الإنسان يقع على الذكر والأنثى من بني آدم والرجل يختص الذكور.

  فصل: وأما أحكام المعرفة والنكرة فكثير منها أن المعارف تتفاضل في التعريف. وأعرف المعارف المضمرات لأن المضمر لم يضمر إلا بعد أن عرف ولذلك استغنى عن النعت لأن النعت زيادة في البيان وناهيك أن تعريفه حين يذكر ينتشر إلى ما يرجع إليه ويفسره فيكون كالمذكر به بعد نسيانه، وأعرف المضمرات أنا، ثم أنت، لأنك تغلب أنا على أنت وغيره وكل معرفة غلبت على غيرها فهي أعرف منها فتقول: أنا وأنت قمنا ولا تقول: أنا وأنت قمتما، وتقول: أنت وهي قمتما، ولا تقول: قاما وقس على ذلك المغلب والمغلب عليه من المعارف. والعلم دُونَ المضمر لأنك تقول: أنت وزيد قمتما، ولا تقول قاما فغلب الضمير وتعريف العلمية فوق تعريف الإشارة لوجوه منها أن تعريف العلمية لا يُفارق الاسم غائبًا كان أو حاضرًا، موجودًا كان أو معدومًا، ولا كذلك الإشارة، ومنها أن العلم قد يستقل بنفسه في الدلالة على المسمى به في قولك: زيد من أهل الكوفة. واسم الإشارة مفتقر إلى الصفة نحو هذا الرجل من أهل الكوفة، ومنها اسم الإشارة يتبع العلم نعتا في مثل: مررتُ بزيد هذا، ولا يتبعه العلم نعتًا. والموصوف أعرف من الصفة بلا خلاف. ومنها أنَّك تغلب العلم على الإشارة في قولك: زيد الغائب، وهذا الرجل الحاضر قاما، ولا يجوز قمتما فانظر زيدًا غائبًا غُلب على هذا حاضرًا. وهذه الحجة التي قُلنا مُضافة للزيادة في البيان إذ لا تقوم بنفسها مفردة من حيث كنت تقول: هذا وغلام الرجل قاما. وبالإجماع أن المبهم أعرف من المُضاف وكفى بهذا الاحتجاج على من يعتقد أن تعريف الإشارة فوق تعريف العلمية. وعلته زعم بأن الإشارة تُعرف بالعين والقلب والأعلام تُعرف من جهة واحدة. وهذا