باب المعرفة والنكرة
  مذهب أبي بكر بن السراج، وأصحابه وليس بشيء للعلل التي قدمنا ثم تغلب عليه فتقول: إن الإشارة تتعرف من جهتين والمضمر يتعرف من جهة. وهو أعرف منها بإجماعك. فقد سقطت حجته، وتردت علته مع أن تعريف أسماء الإشارة ليس من لفظها فقط. وإنما هو بمجموع الصفة والموصوف لأنهما كالشيء الواحد. ثم بعد الأعلام في التعريف المبهمات ولا خلاف أنَّها أعرف مما فيه الألف واللام ولأنَّها توصف به ولا يُوصف بها، وقد أعلمتُك أن الصفة لا تكون أعرف من الموصوف ولأن تعريف ما فيه الألف واللام مُعرض للتنكير من حيث كان مجتلبًا بحرف يجيء مرة ويذهب أخرى. وقد اختلف في الذي فيه الألف واللام والمضاف إلى المضمر والعلم، والمبهم، فبين قائل يقول: إنَّه أعرف من المضاف لأن تعريفه خاص له وتعريف المضاف منتشر من غيره ويحتج بأن ما فيه الألف واللام لا يكون نكرة بحال إذا كانا حرفين والمُضاف إلى المعرفة رُبّما لا يتعرف بالإضافة نحو قولهم: رجل حسن الوجه. ولقيني رجل شبهك أو غيرك أو تربك، أو لدنك وهذا رجل ضارب زيد غدًا، قال جرير: (بسيط)
  يا رُبَّ غابِطنا لَوْ كَانَ يَطْلبكُمْ ... لاقي مباعدة منكم وحِرْمَانَا(١)
  فأدخل رب على غابط وهو مُضاف إلى المضمر، ورب لا تدخل على معرفة. وهذا الاعتلال قوي وإليه أميل. وقال آخرون: إنَّ المضاف إلى ما هو أعرف مما فيه الألف واللام أعرف مما فيه الألف واللام لأن تعريف المضاف إليه قد انتشر إلى المضاف وكانا سواء في التعريف وحجته أن الذي فيه الألف واللام يتبع المضاف نعتا في قولك: هذا غُلامك الظريف، والمُضاف لا يتبعه نعتا، وليس ذلك بحجة لأنك تقول: لقيني غُلام المرأة الظريف وليس أحد يقول: إنّ المضاف إلى ما فيه الألف واللام أعرف منه بتَّةً، وكذلك علته في انتشار التعريف غير علة صحيحة ولو صحت لكان المُضاف إلى المضمر أعرف من العلم إذ قد انتشر إليه تعريفه. ولم
(١) البيت لجرير انظر: ديوانه تحقيق الصاوي / ٥٩٥، وقد نسب إليه في الجمل للزجاجي /١٠٣ والمقتضب للمبرد: ٣/ ٢٢٧،.