كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب المعرفة والنكرة

صفحة 253 - الجزء 1

  توصل بحرف مثل مررتُ برجل قائم وبرجل وابنه، وبخير منك أبا فتجري عليها بعض أحكام المعرفة فيبتدأ بها. ويجيء منها الحال وجاءت أشياء بلفظ النكرة وهي معرفة نحو قولهم: سام أبرص. وابن آوى، وابن داية، فهذه معارف وتعريفها يجري مع تعريف الجنس سام أبرص: هو الذي تسميه العامة اللزق يسمى ساما لأن ريقه شم، وقيل له: أبرص لغبرته تشبيها بالبرص، وقيل: لأنه يبرص - وهو من شر الدواب - ويجمع: الأبارص، قال الشاعر: (رجز)

  والله لو كنت لهذا خالصا ... لكنت عبدًا آكل الأبارِصَا⁣(⁣١)

  وابن آوى: ضرب من الحيات. وابن داية: الغراب لأنه يقعُ على داية البعير الدبر وهي رأس الصلعة فسمي بها وسواء أقال: لك أقبل داية أو أقبل الغراب. ولا كذلك ابن، لبون، وابن مُخاضِ، بل هما نكرة فإذا أرادوا تعريفهما للجنس قالوا: ابن اللبون وابن المخاض قال جرير: (بسيط)

  وابن اللبون إذا ما لز في قَرْنٍ ... لم يستطع صولة البزلِ القَنَاعِيس⁣(⁣٢)

  وقد جاءت أشياء نكرات بلفظ المعرفة وهي: شبهك ومثلك، وغيرك، وتربك، ولدنك، وحسبك، ونحوك، وهدؤك، وكفؤك، وضربك، وشرعك، واسم الفاعل والمفعول بمعنى الحال والاستقبال إذا أضيف إلى المعرفة مثل قوله تعالى: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}⁣[الأحقاف: ٢٤] لأن كل اسم يتناوله الإبهام وتقدر إضافته بالانفصال لا يتعرف لصحبته للمعارف فأمَّا شبيهك ونظيرك ومثيلك، وعديلك، وبابه فمعرفة لأنه بمعنى المُضي ولأنه قد بُني على مثال موضوع للمبالغة فافهم ذلك وقس عليه موفقًا إن شاء الله تعالى.


(١) البيت لعلقمة بن عبدة المعروف بعلقمة الفحل انظر: شرح المفصل: ٩/ ٢٣، ٣٦، وشرح الأبيات المشكلة الإعراب/ ١٧٧.

(٢) انظر: ديوانه ٣٥٠، ونسب إليه في شرح شواهد المغني للسيوطي/ ٦١.