باب تأكيد الفعل
  زيدا. وحذف الياء ولا يبقى عليها دليل جائز قال تعالى: {أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا}[ص: ٦]، وأصله: امشيوا وقال: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}[المائدة: ١١٩] وحركت الواو في قولك اخشون الله لالتقاء الساكنين وهما الواو والنون. وخصت بالضمة لأنها لو كسرت لانقلبت ياء، وأشبه فعل المؤنث. ولو انفتحت لأشبهت فعل الواحد المذكر في قولك: اغزون وكانت الواو أحق بالحركة من النون على الأصل. وذلك أن أصل كل ساكنين التقيا من كلمتين حرك الأول. وإن كان من كلمة واحدة حُرك الثاني.
  فصل: وأما أحكام الفعل المؤكد فكثيرة وقد مضى أكثرها. ومن أحكامه أن يكون مستقبلاً خالصا للاستقبال إذ لا مُصاغ لتأكيد الماضي، والحال، وأن يكون مبنيا لاتصال نون التأكيد به لأنَّها تنزل منزلة الجزء منه فيزيد في عدد حروفه وتغير حركاته وتبعده من مضارعته الذي بها استحق الإعراب وتعيده إلى أصله، وهو البناء وذلك أنَّها تكون حاكمة على حرف الإعراب فيكون مفتوحًا مع المفرد المذكر ومكسورًا مع المؤنث ومضمومًا مع الجميع مثل: اضربَنَّ - واضرِينَّ - واضربُنَّ. كما يكون ما اتصلت به ياءُ النفس مبنيا معها على الكسر مثل: هذا غُلامي، ورأيتُ غُلامي، ومررتُ بغلامي وجميع ما ذكرنا حديث على الوصل. فأما الوقف فإن الشديدة تثبت وقفًا حيث تثبت وصلاً لتحركها تقول: يا زيد اضربن، ويا زيدون اضربُنَّ. فأمَّا الخفيفة فإنَّها تسقط في الوقف كما يسقط التنوين في الأسماء للوقف. ويعود الفعل إلى ما كان عليه قبل التأكيد إن معربًا فمعرب، وإن مبنيا فمبن تقول: يا رجال اضربوا، ويا هند اضربي، ويا زيدون هل تضربون ويا هند هل تضربين، وهذا خلاف لأصول العربية أن تسقط الإعراب في الوصل وتثبت في الوقف إلا فعل الواحد المذكر فإنك تبدل في الوقف من نونه ألفًا لانفتاح ما قبلها تشبيها بالوقف على المنصوب من الأسماء المنونة تقول: يا زيد اضربا وأنت تريد اضربن، كما تقول: رأيتُ زيدًا، وإنما جاز ذلك لأن النون الخفيفة في الأفعال نظير التنوين في الأسماء من حيث كانا جميعًا نونين ساكنين وكانا يتبعان الكلمة بعد كمالها. ومن