باب اشتغال الفعل عن المفعول بضميره
  يمر ولم يمرر. وإن شئت أدغمت الأول في الثاني وحركت لالتقاء الساكنين فقلت: لم يمر زيد. قال الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ}[الحشر: ٤] وإن شئت أظهرت الإدغام لأجل الجزم فقُلت: لم يمرر. قال الله تعالى في موضع آخر: {وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[الأنفال: ١٣] وكان الحرف الثاني من المدغم والمدغم فيه أحق بالتحريك على الأصل المقدم وذلك أن الساكنين إذا كانا من كلمة حرك الآخر منهما وإن كانا من كلمتين حُرك الأول منهما وأمَّا حيثُ يتحركان فلا يجوز ذلك في مثل: مرا ولم يمرّا، ومروا، ومري يا امرأة.
بَابُ اشتغال الفعل عن المفعول بضميره
  اعلم أن هذا الباب يجوز فيه الرفع والنصب غالبًا؛ لأنه مرة يُحمل على الابتداء، والخبر فيرفع ومرة يُحمل على الفعل والفاعل فينصب وذلك نحو قولك: زيد ضربته. فزيد مبتدأ وضربته فعل وفاعل ومفعول والجملة في موضع رفع خبر المبتدأ، وتقول: زيدًا ضربته فضربته فعل وفاعل وقد اشتغل بضمير زيد عنه وزيد منصوب بفعل مقدر يدل عليه الفعل الظاهر والتقدير: ضربت زيدًا ضربته. وعلى هذا يكون ضربته بأحد معنيين: إمّا تأكيدًا بإعادة اللفظ وإما بدلاً، وهذا الفعل المشغول بضمير المفعول ينقسم في أحكامه على أربعة أضرب: ضرب يجب معه الرفع ولا يجوز النصب وضرب يجب معه النصب ولا يجوز الرفع غالبًا. وضرب يحسن فيه النصب، ويجوز الرفع، وضرب يحسن فيه الرفع، ويجوز النصب.
  فصل: أما الضرب الأول الذي يجب فيه الرفع ولا يجوز النصب فهو كل موضع أخبرت فيه عن المبتدأ بمفرد ووقع الفعل وما اتصل به صفة للخبر أو للمبتدأ مثل قولك: زيد رجلٌ ضربته أي رجل مضروب. فهذا وشبهه من نحو قولك: زيد رجلٌ أضربه ولا تضربه وما ضربته وزيد رجل هل ضربته لا يجوز فيه إلا الرفع لعدم العامل وعدم الدليل عليه. وكذلك لو اشتغل بضمير مرفوع؛ في مثل: زيد رجلٌ ضربَ لأن ضرب فعل ما لم يُسم فاعله وفيه ضمير مفعول مرفوع أقيم