باب أحكام الفعلين اللذين يذكر معهما معمول واحد فيبتدرانه
  ما جاء من هذا النوع مُجردًا مِمَّا شرطنا، أعني وقوعه صفة وأن لا يكون بعد حرف نسق، أو يكون ضمير المفعول غير بارز فإذا تعرّى الفعل عن هذه الشرائط، وكان أمرًا أو نهيًا، أو استفهاما، أو شرطًا، أو نفيًا، حسن النصب في هذه المعاني الخمسة لأنها تدلُّ عليه دلالة قوية فتقول: زيدًا أضربه وعمرًا لا تهنه، وعبد الله هل رأيته، وأخاك ما ضربته، ومحمدًا إن تكرمه أكرمه لأن المعنى في قولك: زيدًا أضربه. اضرب زيدًا أضربه، فإن حذفتَ الأول كان الثاني مفسرًا له. وبدلاً منه وإن ذكرته كان توكيدا له ويجوز الرفع في جميع ذلك على أن يكون الاسم مبتدأ والجملة بعده خبرًا له وربما دلّ الفعل الظاهر على الفعل المحذوف من معناه دُونَ لفظه كما أعلمتك نحو زيدًا مررتُ به وعمرًا أخذتُ ماله وبكرًا لستُ مثله، والتقدير: جاوزتُ زيدًا مررتُ به، وظلمتُ عمرًا أخذتُ ماله، ونافيتُ بكرًا لستُ مثله.
  فصل: وأما الضرب الرابع الذي يَحْسُن فيه الرفع ويجوز النصب فهو كل كلام وقع خبرًا غير صفة ولا متضمن ضميرًا مرفوعًا. ولم يكن معه حرف عطف ولا كان شرطًا ولا نفيًا ولأنهما من باب الخبر وظهر فيه ضمير المفعول مثل قولك: زيد ضربته وأخوك أكرمته. قال الله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}[الإسراء: ١٣] يُقرأ بالرفع والنصب والرفع أكثر والنصب جائز بدلالة الفعل قال الله تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ}[الإسراء: ١٠٦]. وإنَّما كان الرفع هاهنا أجود لاستقلال الكلام بنفسه مع المبتدأ فلا يلزمك التقدير فيكون أخص وأوجز وقد جاء المعنى وافيا فافهم هذه الأقسام الأربعة إن شاء الله تعالى وهذا حديث على الفعل نذكر معه معمولان وسنذكر معمولاً. معه فعلان إن شاء الله تعالى.
باب أحكام الفعلين اللذين يُذكرُ معَهُما مَعْمُول واحد فيبتدرانه
  اعلم أن العرب قد تعطف الفعل على الفعل، ويعمل أحدهما في المعمول الظاهر ويقدر للآخر معمولاً آخر، فأهل البصرة يطلقون الفعل الثاني على المعمول