كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب المعاني

صفحة 271 - الجزء 1

  ورحمت وأربعة أفعال وخمسة وأكثر مثل قام وضربته، وظننته عالمًا وأعطيته درهما، وأعلمته محمدًا خير الناس زيد. فإذا أعملت الثاني أضمرت فاعل الأول ضرورة وإن كان لا يعود على مذكور لأن الفاعل لابد منه مثل: ضرباني وضربتُ الزيدين. وإن أعملت الأول أضمرت في الثاني مفعولاً يعود إلى الظاهر. وإن تأخر؛ لأنه في حكم المقدم، مثل: ضربني وضربته زيد ويجوز حذفه لأن المفعول غير لازم. فإذا استعملت فكرك في الوجوه التي ذكرتها لك انفتح عليك باب القياس فخرج لك من الباب فوق ألفي مسألة كل واحدة غير الأخرى فافهم ذلك موفقًا إن شاء الله تعالى.

بَابُ الْمَعَانِي

  ولك فيه ثلاثة أسئلة: ما المعاني؟ وعلى كم تنقسم؟ وما أحكامها؟

  فصل: أما ما المعاني؟ فهي الأغراض التي تُعبر عنها بالألفاظ؛ لأن الألفاظ للمعاني بمنزلة القوالب، ولذلك قال بعضهم:

  فَتَرى المَبَانِي فِيها قوالب للمَعانِي

  وإذا كان هذا هكذا وجب أن يكون اللفظ غير زائد على المعنى ولا فاصل عنه وربما دلت البلغاء على المعنى الكثير باللفظ القليل. وقد سُئِلَ بعضهم ما البلاغة؟ فقال: أن تصيب فلا تُخطئ وتُسرعَ فلا تُبطئ، ثم قال: أقلني هي ألا تخطئ ولا تبطئ. لو فُسر قول الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}⁣[البقرة: ١٧٩] لَمَلأ الأوراق وأجف الأقلام.

  فصل: والمعاني تخرج قسمتها إلى ما لا يُحصى عددًا ولا يدرك مددًا وقد جعلها بعضهم ألوفًا، وجعلها بعضهم مئين، وجعلها آخرون عشرات، وجعلها بعضهم آحادًا تسعة وسبعة، وستة وخمسة وثلاثة. وقال آخرون: هي ضربان: خبر وغيرُ خَبر ويكفيك منها قسمة صاحب التسعة وهي الخبر، والاستخبار، والأمر، والنهي والنداء، والتمني والدعاء، والقسم، والوعيد.