كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب المعاني

صفحة 272 - الجزء 1

  فالخبر قولك: قام زيد والاستخبار قولك: أقام زيد أم عمرو. والأمر، والنهي قم يا زيد، ولا تقم يا عمرو، ونحنُ نُفرد لكل واحد منها بابًا إن شاء الله تعالى. والنداء مثل: يا زيد، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، وقد ذكر مستوفى في باب النداء والتمني مثل: ليتَ زيدًا عندنا. {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ}⁣[النساء: ٧٣] {لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ} فنصب فأكون دلالة على أن الكلام تمنّ، ولا يكون إلا بليت ولو وإلا؛ مثل: ألا ماءً باردًا، فاشربه، ولا يكون ما بعد إلا مبنيا على الفتح غير منون. والدعاء مثل قولك: غفر الله لزيدٍ ولا فُضَّ فاهُ إذا دعوتَ لهُ. فإذا دعوت عليه قلت: لا غَفَر الله له. فلفظه لفظ الخبر. ومعناه الدعاء لخروجه من حقيقة الخبر قال الله تعالى: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ}⁣[يوسف: ٩٢]، وقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ}⁣[محمد: ٨]، والقسم مثل: لأفعلن كذا، {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ}⁣[الأنبياء: ٥٧]، وبالله ما قام زيد، وقد قدمنا له بابا. والوعيد: هو التهديد وهو على ضربين كناية وصريح فكنايته مثل قول الله ø: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ٣٤ ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ٣٥}⁣[القيامة: ٣٤ - ٣٥] أي: وليك الشر ودنا منك. والصريح مثل قوله ø: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ٤٠}⁣[فصلت]، وقوله: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ}⁣[الكهف: ٢٩].

  فصل: وأحكام هذا الباب كثيرة؛ وهي تجري في أثناء الأبواب حيث يذكر الخبر والاستخبار والأمر والنهي. وهذا أوان إنشاء أبوابها.