كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الاستخبار

صفحة 281 - الجزء 1

  العربية أن جميل بن معمر غشي ذلك في قوله: (وافر)

  بثينة شأنها سلبت فؤادي ... بِلَا جُزم أتيتُ بِهِ سَلَامَا⁣(⁣١)

  وزعم أن تقدير البيت: سلا بثينة ما شأنها سلبت فؤادي بلا جُرم أتيت به وليس ذلك. وإنما بثينة مبتدأ وشأنها بدل منه بدل اشتمال. وسلبت خبر في موضع رفع كأنه قال: شأنها سلب فؤادي. وسلامًا منصوب على المصدر معناه: متاركة، تتركني وأتركها، ومنه قول الله ø: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ٦٣}⁣[الفرقان] فلم يرد تسليمًا عليها ولا أمر صاحبيه بسؤالها عن شأنها ولكنه طلب منها المتاركة وهذا شيء عرض لخصناه لأجل السؤال.

  ومن أحكام أدوات الاستفهام: أنه ما كان منها حرفًا دلّ على معنى في غيره كسائر الحروف. وما كان منها اسمًا دلّ على معنى في نفسه وقد عدها بعض النحويين حروفًا كلها وليس منها حروف إلا الثلاثة التي قد ذكرتها لك، وباقيها أسماء والدليل على اسميتها من أربعة أوجه: أحدها: أن لها محلاً من الإعراب يحكم عليها بالرفع والنصب والجر والثاني: أن حروف الجر تدخل على أكثرها نحو قولك: بِمَنْ مررت؟ وبم جئت؟ ومن أي القوم أنت؟ وبكم شريت ثوبك؟ وعلى كيف أخذت هذا الطعام؟ ومن أين لك هذا؟ ومن متى يدخل الشتاء؟ إلا أنك إذا أدخلت حرف الجر على «ما» الاستفهامية حذفت ألفها فرقًا بين الخبر والاستفهام فقلت: فيم، وبم، وعلام، وإلام.

  والوجه الثالث: أنك تُبدل منها الأسماء نحو ما اسمك؟ أعلي أم عبد الله؟ فعلي وعبد الله بدل من ما، ومثله أين بيتُك؟ في الكوفة أم في البصرة.

  والأسماء لا تكون بدلاً من الحروف وتنقص عن الظاهر أنها لا تنعت ولا تؤكد لشبهها بالحروف.

  والوجه الرابع: أنَّها تدلُّ على معانٍ في أنفسها كسائر الأسماء.


(١) البيت غير موجود في ديوان جميل.