باب علل البناء والإعراب
  لأن الصلة بعض كلمة وهي تُعربُ. دون هذه العلل في الجواز قولهم: بني المضمر، والمبهم والناقص، لأنها معارف لا تتنكر وبنيت إذ، وإذا ومتى، وأين، وشبهها من نحو: من وما في النكرة؛ لأنها نكرات لا تتعرف وعلة هذا القول أنها لزمت حدا واحدًا. وما لزم حدا واحدًا عنده بني. وإنما يعرب ما يتنكر مرة ويتعرف أخرى. وهذا الاعتلال غير صحيح لأن التعريف والتنكير من خواص الأسماء وأصل الأسماء الإعراب وخواص الشيء لا تُخرجه عن أصله. وربما قال بعضهم: إنه اسم أو لأنه اسم مبهم، أو لأنه اسم ناقص يحتاج إلى صلة وعائد. وهذا غيرُ الجواب لأن قياسه بني الاسم لأنه اسم وأعرب الفعل لأنه فعل. فإن قيل للمتعلم تعريفا للأجناس. فعسى لا تحقيقا للعلة، فافهم ذلك.
  فإن قال قائل كيف جوزت أن يخرج الاسم عن أصله من الإعراب لعلة واحدة من ثلاث علل، وشاهد واحد لا يخرج الشيء عن حده. قلت: إنّ الثلاث العلل شائعة في المبنيات. وكل شيء منها أقوى من غيره في شيء مخصوص وقد ذكرناها حيث قويت فإن احتجب إلى التماس علة ثانية وجدتها وإن كانت دون الأولى فتقول: بُني الناقص لشبهه بالحروف وأشبهه من وجهين أحدهما أنه يدل على معنى في غيره وهو الصلة كالحرف يدل على معنى في غيره وهو الفعل وذلك المعنى نفي، أو إيجاب. والثاني: أنه لا يتم من الناقص كلام مفيد حتى تذكر الصلة كما أن الحرف لا يتم منه كلام مفيد حتى يذكر الاسم الذي جاء من أجله. وكذلك سائر المبنيات تجد في كل واحد منها علتين وأكثر كالمضمر، بُني لشبهه بالحرف، واختلاف صيغه والمبهم لوقوعه موقع مبني واختلاف صيغه وتضمنه حرف الإشارة، فافهم ذلك.
  وأما علتا إعراب الفعل المستقبل فهما مشابهة لاسم فاعله من جهة أن عدد حروفه وحركاته وسكناته كعدد حروف اسم فاعله وحركاته وسكناته. وتصفح ذلك في ضارب ويضرب.
  والثانية: أن الفعل يقع موقع الاسم في ثلاثة مواضع وهي: الصفة والحال