باب التنوين
  هذه مُسلمات ورأيتُ مسلمات، ومررتُ بمسلمات وإنما سمي مقابلة لأنه يُقابل النون في جمع المذكر السالم مثل هؤلاء مسلمون، ورأيت مسلمين، ومررتُ بمسلمين والنون في مسلمات بإزاء هذه النون في مسلمين والمسمى بهذا الجمع مثل: عرفات فعرفات موضع واحد مُسمى باسم جمع فجرى جمع مجراه تقول: هذه عرفات ورأيت عرفات، ومررتُ بعرفات.
  وتنوين التنكير يلزم المبنيات وما لا ينصرف ولا يجري بالإعراب مع المبني وذلك قولك: جاءني سيبويه، ورأيتُ سيبويه ومررتُ بسيبويه. وفي صه، ومه، وإيه، وإيها، وأفٍ، وأفا، وهيهات وهيهاتًا، وإنّما سُمي تنوين تنكير لأنه ينكر المعارف إذا دخلها ألا ترى أنك تقول: جاءني سيبويه المعروف وسيبويه آخر. فيكون الأول معرفة والآخر نكرة وكذلك صه وصه الأول معرفة والثاني نكرة ومثله: مررتُ بإبراهيم، وإبراهيم، وجاءني إبراهيم وإبراهيم آخر. ومثله أحمد وأحمد آخر. وعثمان، وعثمان آخر.
  وتنوين العوض يلزم الظروف في مثل يومئذ، وساعتئذ، وحينئذ، وليلتئذ وما أشبه ذلك، وسُمي تنوين عوض لأنه ينوب منابَ جملة ويستغنى بذكره عن ذكرها. فيكون عوضًا منها. وأمره في الاختصار عظيم واعتبره في قوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ١ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ٢ وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا ٣ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ٤}[الزلزلة] فهذا التنوين نَابَ مناب إعادة الجملة ولولا هو لأعدتها جوابًا كما أوردتها خبرًا على وجه الشرط فكنت تقول: إذا زلزلت الأرض زلزالها وتخرج الأرض أثقالها وقال الإنسان ما لها يوم تزلزل الأرض زلزالها، وتخرج الأرض أثقالها، ويقول الإنسان ما لها يومئذ تحدث أخبارها. وكذلك لو كان الكلام سورة كاملة أو بمقدار سورة فافهم هذا، وتدبره تجده عجيبًا.
  وتنوين الترنم: يلزم الشعر وحده ولا يدخل في غيره، وهو شيء يكون في القوافي سواء أكانت القافية اسمًا نكرة أو معرفة مضمرًا، أو ظاهرًا متصرفا أو غير