باب الحروف التي ليست بعاملة
  الوصل نحو قوله تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ١٩}[العلق]، ومنها حرف للقطع وهي الهمزة التي تثبت وصلاً وابتداءً نحو قولك: أدخل زيدًا وأخرج عمرًا، قال تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ}[غافر: ٤٦]. ومنها حرف للفصل بين النونات في تأكيد فعل جماعة المؤنث في مثل: اضربنانِ زيدًا يا هندات ومنها حرف للسكت، وهي الهاء الساكنة في مثل: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ١٩}[الحاقة]، {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ٢٠}[الحاقة ٢٠] ويتبع الأسماء والأفعال والحروف.
  فهذه جملة الحروف العاملة وغير العاملة، وهي مائة وعشرون حرفا.
  فصل: وأمَّا لِمَ لَمْ تعمل هذه الحروف الأخيرة أعني التسعة والستين، فلعلتين:
  إحداهما: إن بعض هذه الحروف تنزل منزلة الجزء من الكلمة فلا يعمل فيها، وإن اختص؛ لأن الكلمة لا تعمل في نفسها، ولا تُعرب من نصفها.
  والعلة الثانية: إن بعضها وهو الأكثر يدخل على الأسماء مرة وعلى الأفعال مرة، فلم تكن الأسماء أحق بها من الأفعال ولا الأفعال أحق بها من الأسماء. فلذلك بطل عملها.
  واعلم أن عوامل الأسماء أقوى من عوامل الأفعال، لأن الإعراب أصل في الأسماء وفرع في الأفعال، فلذلك يعمل الفعل في الاسم، ولا يعمل الاسم في الفعل، وعلى هذا تقول: الأسماء معمول فيها غير عاملة، والأفعال عاملة ومعمول فيها، لأنها تعمل في الاسم وتعمل فيها الحروف، والحروف عاملة غير معمول فيها لأنها تعمل في الاسم والفعل، ولا يعمل فيها شيء.
  فصل: وأما معاني هذه الحروف فمعانيها كثيرة مختلفة كاختلافها، فما كان منها لا يرد في باب غير هذا الباب فقد ذكر معناه، وما كان له باب آخر فمعناه يذكر في بابه إن شاء الله.