باب الإمالة
  فمذهب نافع وأبي عمرو اللفظ بين اللفظين. ومذهب الكسائي تصريح الإمالة.
  والباقون من القُراء، أعني: عاصما وابن كثير، وابن عامر لا يميلون شيئًا. فصل: وأما ما يجوز أن يُمال من الكلام كلُّه فكل كلمة فيها ألف ساكن ليس فيها حرف من حروف الاستعلاء قبل الألف إذا لزمت إحدى ثلاث شرائط:
  الأولى: أن تكون منقلبة من ياء في الاشتقاق نحو باع وسار، وكال، فتميله لأنه من يبيع، ويسير، ويكيل، خلافًا لذوات الواو مثل: قال، وصام، ونام، فإنّه لا يمالُ لانقلابه من الواو في القول والصوم والنوم. فافهم هذا الفرق.
  والشريطة الثانية: أن تقع الألف في الاسم ثانية أو ثالثة بعدها كسرة فتُمالُ سواء كانت الكسرة بناء أو إعرابًا فتقعُ الألف زائدة ثانية أو ثالثة في الرباعي نحو: عالم، وكافر ونحوهما. وسلام بوزن فاعل وفَعَال. وتقعُ أصلية في الثلاثي عينًا للوزن نحو: دار ونار فمتى كان هذا كله مجرورًا جازت الإمالة، ومتى نصب أو رفع امتنعت نحو هذا نهارٌ، ودارٌ. ورأيتُ دارًا فقلت سلامًا لأنا شرطنا أن تكون بعد هذه الألف التي في الأسماء كسرة إعراب مثل عجبتُ من دار ونهار. وبناء مثل: مررتُ بعالم، أو كافر، وجاهل، وكذلك لو جمعت الكافرين في النصب أيضًا أملته، فإن قلت: كافرون لم تُمل.
  والشريطة الثالثة: أن تقع الألف متطرفة في الفعل أو في الاسم في ثلاثي أو رُباعِي أو خُماسي أو سُداسي إذا كانت تكتب بالياء فإنّه يُمالُ مثل: رَمَى، وألقى، وانتمى، واستدعى. ومثل: فتى، ومولى، ومجتبى، ومستدعى. فكل شيء كُتب بالياء فإنه يُمال. ولو جهل أصل ألفه مثل: بَلَى، وحتّى، ومَتَى، وعَلَى، في أحد القولين في نحو: إحديهما وكلاهما. وكل شيء كُتب بالألف من ذوات الواو لم تجز إمالته بتة أعني الألف المتطرفة وكذلك يُمال ألف الندبة لأنها ليست من الواو مثل: {يَا وَيْلَنَا} {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ}[يوسف: ٨٤] والإمالة في القرآن كثير في الأسماء والأفعال.
  فالأسماء نحو الأشقى والأتقى، وموسى، ويحيى، وعيسى، والدنيا،