باب شرح المعاني المذكورة
  لو أن الباخلين وأنت منهم ... رأوك تعلموا منك المطالا(١)
  فالالتفات قوله: وأنت منهم. ومثله قول جرير:
  إنِّي خُلقتُ فَلَنْ أعافي تغلبًا ... للظالمينَ عُقُوبةً ونَكَالا(٢)
  فقوله: فلن أعافي تغلبا، التفات. وفي التنزيل: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ٧٦}[الواقعة]. فلو تعلمون التفات، ومنهم من يسميه الاعتراض.
  فصل: وأما التوشيح: فهو أن يُحدّث الإنسان عن غيره بأشياء قد عظم في نفسه ذمها ثم يوجهها على نفسه على وجه القسم ليفعلن كذا أو أن فعل كذا. ومنه قول بعضهم: (كامل)
  أحَلِفْتُ أصدق ما يظن مؤملي ... وهدمت ما شادته لي أسلافي
  إِنْ لَمْ أشنَّ على عليّ غارة ... تضحي قذى في أعين الأشراف(٣)
  ومثله: (كامل)
  وفرتُ وفرِي وانحرَفْتُ عَنِ العُلَا ... ولقيت أضيافي بوجه عبوس
  إِنْ لَمْ أَشُنَّ على ابن هند غارةً ... لَمْ تَخُلُ يوما من نهابِ نفوسِ(٤)
  وقال حسان بن ثابت الأنصاري: (كامل)
  إن كُنتِ صادقة الذي حدثتني ... فنجَوْتِ مَنْجي الحارث بن هشام
(١) البيت من البحر الوافر والبيت لكثير عزة ديوانه /١٥٨، والبلاغة تطور وتاريخ للدكتور: شوقي ضيف/ ٧٢.
(٢) البيت من البحر الكامل وهو في ديوان جرير / ٣٦١، وفيه: (جعلت) بدل (خلقت).
(٣) البيتان من البحر الكامل، وقد نسبا إلى أبي علي البصير يعرض بهما بعلي بن الجهم. انظر: تحبير التحبير / ٣٢٧، ونهاية الأرب: ٧/ ١٥، وأنوار الربيع / ٣٥٤، وفي تحرير التحبير: (أكذبت أحسن) بدل (أحلفت أصدق) و (خلة) بدل (غارة) والكافي في العرض والقوافي / ١٩٨ نسبه له.
(٤) البيتان من الكامل، وهما إلى الأشتر النخعي، وانظر: تحرير التحبير/ ٣٢٧، وأنوار الربيع/ ٣٥٤، وخزانة الأدب لابن حجة الحموي، ويقول ابن أبي أصيبعة: (وأبيات الأشتر تضمنت فخرًا له. ووعدًا لغيره، فبر بقسمه يوم صفين وكان مع الإمام علي ¥ ضد معاوية بن أبي سفيان الذي قصده بابن هند).