كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب شرح المعاني المذكورة

صفحة 422 - الجزء 1

  وقال آخر: (طويل)

  فلا يبعدن إلا من السوء أنَّني ... إليكِ وإنْ شَطَتْ بكِ الدارُ نَازِعُ⁣(⁣١)

  فانظره قربه بدعائه له من كل شيء ثم استبان له قبح قربه من السوء فتدارك باستثنائه وأول ما نطق بمثل هذا المعنى النابغة الذبياني بقوله:

  ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ......... (⁣٢)

  البيت فإن سميت هذا المعنى تداركا على هذا الوجه فلا بأس والأول هو القولُ الصحيح فافهم ذلك.

  فصل: وأما الاستعارة فهي: أن يستعير الشاعر صفة شيء لغيره ويُحليه بها كأن يستعير صفة الجماد للحيوان أو صفة الحيوان للجماد إلى غير ذلك من المعاني كما قال ذو الرمة: (طويل)

  ألا طرقت مي هَيُومًا بِذِكْرِهَا ... وأيدي الثُريَّا جُنَّحٌ للمغارِبِ⁣(⁣٣)

  وقال أيضًا: (طويل)

  أقامت به حَتَّى ذَوى العودُ فِي الثُرَى ... وساق الثريا في ملاءته الفجر⁣(⁣٤)

  فجعل للثريا أيديًا تجنح وللفجر ملأة. وقال الهذلي:

  ولو أنني استودعته الشمس لارتقت ... إليه المنايا عينها ورسولُها⁣(⁣٥)

  فانظره كيف أنزل الشمس منزلة ما يُسْتَوْدَع وجعل للمنايا عينًا ورسولاً.

  وقد وجدتُ قوما ممن يدعي العلم بهذا المعنى وليسوا بمخلصين لا يُفرقونَ بين الاستعارة والتمثيل ولا بين السرقة والاشتفاف ولا بين الاهتدام والاصطراف.

  وهذه معان متباينة وبينها فروق واضحة.


(١) البيت من الطويل، ولم أهتد لقائله.

(٢) البيت من الطويل ديوانه ١٥، وخمسة دواوين من أشعار العرب/ ٦، وعجزه:

بهن فلول من قراع الكتائب

(٣) البيت من بحر الطويل انظر: ديوانه: ٧٦، وفيه: (في المغارب) بدل (للمغارب).

(٤) البيت من الطويل، وهو لذي الرمة انظر: ديوانه: ١٧٠.

(٥) البيت من الطويل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي انظر: ديوان الهذليين: ١/ ٣٣.