كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب المبتدأ وخبره

صفحة 76 - الجزء 1

  بد في كل خبر من ضمير يعود منه إلى المبتدأ ليربطه به. فقد صار هو وما تضمن كالجملة والجمل نكرات فإذا قلت: أخوك زيد فتقدير الكلام: أخوك المسمى بهذه التسمية فافهم ذلك فإنه من اللطيف.

  فإن كان الخبر اسمًا ظاهرًا صحيحًا مفردًا كان الرفع فيه ظاهرًا نحو قولك: محمد رسول الله ÷ والرافع له في الرافع للمبتدأ، هذا هو الوجه الصحيح المختار وقد قيل إن المبتدأ رافع للخبر والخبر رافع للمبتدأ، وقال آخرون: بل الابتداء رافع للمبتدأ والمبتدأ رافع للخبر. وقيل: إن الابتداء والمبتدأ جميعًا رفعا الخبر، ولكل واحد من هذه الأقوال علل يطول شرحها، ولا أعرف بعضها.

  والحجة لما ذهبنا إليه أن المبتدأ لا يرفع الخبر؛ لأنه في الغالب جامد، ولو رفعه لكان مشبها للفعل، ومرفوع الفعل فاعل، ووجة آخر وهو أن المبتدأ هو الخبر في المعنى والشيء لا يعمل في نفسه، ولو جاز ذلك لكان الموصوف عاملاً في الصفة، والمؤكد عاملاً في التوكيد، وصاحب الحال في الحال. والخبر لا يعمل في المبتدأ لأن الأسماء لا تعمل محذوفة، ولا يقوم معمولها عليها. وقد يُحذف الخبر مع أن المخبر عنه إذا تقدم كان في رتبته والخبر عامل به قبل وجوده وغير الشيء لا يعمل في شيء نفسه. ووجه آخر؛ وهو أن الخبر قد يكون حرفًا، أو ظرفًا، أو جُملة، ولا يجوز إعمال شيء منها في المبتدأ، أو يكون الخبر ثلاث كلمات وأربع كلمات وأكثر، ولا يجوز إعمال كلمة منها دون سائرها، ولا إعمالها مجتمعة في شيء واحد.

  والمبتدأ والابتداء لا يرفعان الخبر جميعًا؛ إذ العمل الواحد لا يكون لعاملين وقد يكون العملان لعامل واحد ومن حُكمه أن الخبر إذا كان جملة من فعل وفاعل، أو مبتدأ وخبر، أو حرف وما اتصل به، أو ظرف وما أضيف إليه، كان الرفع في جميع ذلك مقدرًا، وجميع ظروف المكان يجوز أن تقع أخبارًا عن الأحداث كلها والأشخاص لتمكنها، تقول: زيد عندك، والقتال خلفك. وجميع ظروف الزمان يجوز أن تقع أخبارًا عن الأحداث كلها تقول: الخروج يوم السبت، والوقوف يوم