كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب المبتدأ وخبره

صفحة 77 - الجزء 1

  الجمعة. ولا يجوز أن تقع أخبارًا عن الأشخاص؛ لأن الفائدة لا تتم إلا بها لو قلت: زيد يوم الجمعة لم تكن مُخبرًا بشيء، وكذلك الأحداث لا تكون أخبارًا عن الجثث كما أن الجثث لا تكون أخبارًا عن الأحداث، فلو قُلت زيد القتال، أو القتال زيد، لم يجز، وامتناعه للعلة التي قدمناها، وهي أن الخبر إذا كان مفردًا كان هو المبتدأ، أو منزلاً منزلته، والجثة لا تكون حدثًا، والحدثُ لا يكون جثة فافهم ذلك.

  فصل: والخبر ينقسم ثلاثة أقسام: خبرٌ يجب تأخيره ولا يجوز تقديمه، وخبر يجب تقديمه ولا يجوز تأخيره، وخبر يجوز تقديمه وتأخيره، وقد تقدم تفصيله في فصل قسمة المبتدأ فخذه من هناك. ويجوز أن تأتي بخبرين وثلاثة وأكثر، قال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ٣٨ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ٣٩}⁣[عبس]، فوجوه مبتدأ، ومسفرة خبر أول وضاحكة خبرٌ، ثان ومستبشرة خبر ثالث، ومثله قول الشاعر: (رجز)

  من يك ذا بت فهذا بتي ... مضيف. مقيض مشتي

  نجوتُه من نعجات سيتٍ ... من غَزلِ أمي ونسيج بنتي⁣(⁣١)

  فجاء بهذا مبتدأ وأخر عنه بستة أخبار: أوّل بتي، والثاني: مضيف، والثالث: مقيض، والرابع: مشتي، والخامس: من غزل أمي، والسادس: نجوته. وكونها أخبارًا أولى من كونها نعتًا للخبر؛ لأن الأخبار يُرادُ بها التنكير، والنعت يقربها من المعرفة.

  فصل: وجواز الحذف في المبتدأ والخبر على ثلاثة أضرب: حذف المبتدأ وذكر الخبر، وهو كثير لأنه يتقدر تقديرًا واحدًا، قال الله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا}⁣[النور: ١]، والتقدير: هذه سورة، وقال: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}⁣[الأحزاب: ٥] أي: فهم إخوانكم، ومثله: كتاب الأحكام، وباب القول.

  وحذف الخبر وذكر المبتدأ وهو قليل؛ لأن الفائدة إنما تكون في الخبر وذلك


(١) البيت الأول في ديوان رؤبة.