كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب كان وأخواتها

صفحة 80 - الجزء 1

  سُراةُ بني أبي بكر تسامى ... على كان المسومة الجاد⁣(⁣١)

  والفعل لا بد له من فاعل فمتى كان الخبر مفردًا كان النصب فيه ظاهرًا، مثل: كان زيد قائمًا، ومتى كان جُملة، أو ظرفًا أو حرفًا كان النصب فيه مقدرًا، مثل: كان زيد قام ويقوم، وإن تقم يَقُم معك، وكان زيد أبوه منطلق، وكان زيد أمامك، وكان زيد في الدار.

  فصل: وأما ما أحكامها؟ فهي كثيرة منها أنه يجوز تقديم أخبارها على أسمائها وعليها، تقول: كان قائما زيد، قال الله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ٤٧}⁣[الروم]، وفي تقديم خبر ما لزم أوله ما، وفي تقديم عليها خلاف، فيجوز ما زال قائمًا زيد وليس قائمًا زيد بلا خلاف، ويجوز: قائما ليس زيد، وقائمًا ما زال زيد بخلاف. فمنهم من لا يجيز تقديم معمول ليس عليها؛ لأنها غير متصرفة في نفسها فلا تتصرف في معمولها، ولا يجيز تقديم معمول ما زال وأخواتها لما في ما من معنى المصدر، ومعمول المصدر لا يتقدم عليه، ومنهم من يُجيزهما جميعًا. أما ليس فتقول: إنها وإن لم تتصرف في نفسها فهي منصرفة في معناها، لأنها جاءت بلفظ الماضي نفيًا للمستقبل وهي فعل صريح فقويت على العمل. وأما ما لزم أوَّله ما فتقول: إنه ليس بمصدر صريح، وإنما هو مشبه به لأن ما عنده حرف نفي، ولو كانت مصدرًا، لكان لها موضع من الإعراب.

  وقد قدمنا أنه يجوز أن يقع خبرًا لها ما جاز في خبر المبتدأ، وقلنا غالبًا احترازًا من الفعل الماضي؛ لأنه لا يقع خبرًا لِصَار، ولا لليس ولا لما لزم أوّله ما في قول أكثر النحويين، ولذلك علل إعراضنا عنها للاختصار، فأما باقيها فيجوز أن يخبر عنها بالماضي قال الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ}⁣[يوسف: ٢٧]، وقال زهير بن أبي سلمى: (طويل)


(١) أنشده الفراء، انظر: أسرار العربية لأبي البركات عبد الرح بن محمد ١٣٦.